الرئيسيةرأي وتحليل

هل نحن حقاً عاجزون؟ بلال سليطين

هو سؤال تفرضه علينا "تونس" كأبناء لهذا المشرق ....وتجيبنا عليه

تشكل تونس بدولتها المدنية علامة فارقة في محيطها العربي والإفريقي. وتتمايز عن مختلف الدول التي مرت عليها أحداث ما عُرف بالربيع العربي. فقد قدمت أنضج نموذج للانتقال السياسي في الوطن العربي.
ورغم أن الانتقال السياسي أنتج وصول إسلاميين إلى السلطة إلا أن سيطرتهم لم تدم طويلاً. وتم كبح جماحهم بالأطر الديمقراطية وبالتالي حوفظ على مسار التغيير السلمي ومضت التجربة الديمقراطية التونسية للأمام.

سناك سوري – بلال سليطين

هذا لا يعني أن “تونس” أصبحت المنارة في العالم وأنها النموذج الاستثنائي. فتجربتها بكل تأكيد شابها بعض الأخطاء لكنها بالمحصلة تجربة ناجحة في وقت أريد فيه القول أن “العرب” أو “المنطقة العربية” أو شعوب المشرق غير قادرين ومتخلفين وما إلى ذلك من وسوم وسمت بها مجتمعاتنا للقول إنها فاشلة وتحويلها من الانتاج إلى “جلد الذات” والغرق في مستنقع السلبية وفقدان الأمل بالذات الفردية وحتى الجماعية.
تقول لنا “تونس” إننا شعوب تفهم الديمقراطية وتحسن تطبيقها. كما أننا شعوب متقبلة للتغيير وتتفاعل معه إيجابياً. وأننا مسالمون وليس خيارنا العنف فقط. وأننا قادرون على المضي للأمام. وتسيير أمورنا. ولسنا متخلفين. ولا نحتاج من يسيرنا. والمشاركة المجتمعية تنجح معنا. نفهم المدنية ونتفاعل معها. وإذا جربنا مفاهيم العالم الحديث من عدالة ومساواة وإنسانية وحقوق فإننا نتبناها وندافع عنها ونحولها إلى أدوات نهوض لدولنا.
تُعلمنا “تونس” أنه يمكنك أن تكون مقاوماً وممانعاً ورافضاً للتطبيع وتدعم العروبة ووحدة الصف العربي. وتناصر المظلومين. وتدعم حركات التحرر العربي. حتى ولو كان لديك دولة مدنية “ديمقراطية” بدليل موقفها من القضية الفلسطينية. والحراك القومي العربي فيها ونشاطات دعم سوريا العلنية.

اقرأ أيضاًتونس تعلن رسمياً دعمها عودة سوريا للجامعة العربية

تُعلمنا “تونس” أنه ليس عليك أن تقبل منتجات الغرب الاستهلاكية مثل ماكدونالد وكنتاكي. وأن الأفضل لك أن تقبل منتجاته المفاهيمية أيضاً وتعيد انتاجها في سياق محلي وطني.
تُعلِّمنا تونس أن المنظمات والاتحادات ليس دورها أن تكون حديقة خلفية للسلطات لكي تكون وطنية. وأن وطنيتها تأتي من دورها تجاه من تمثلهم. تجاه الشعب. ولنا في الاتحاد التونسي للشغل خير مثال. ولا يستطيع أحد المزاودة عليه لا بالقضية الوطنية التونسية ولا بالقضايا القومية العربية.
عندما تنظر للتجربة الديمقراطية التونسية يقفز أمامك سؤال كيف يمكن لدولة أن تنجح دون أن تتحالف فيها السلطة السياسية مع السلطة الدينية. كيف لدولة عربية وفيها غالبية إسلامية مثل “تونس” أن تحقق المساواة بين الذكور والإناث. أن تنصف المرأة وتلغي التمييز.
تضع “تونس” سلطات محيطها في حرج. فهي تقدم نموذجاً تم تغييبه عن شعوب الجوار طويلاً. نموذجاً من الطبيعي فيه أن يختلف مجلس النواب مع الحكومة. وأن لا تتماهي مصالح الرئاسة مع رئاسة مجلس الوزراء. نموذجاً يموت فيه الرئيس “الباجي قائد السبسي” (25/7/2019) ولا تقع الدولة في خطر. بل يتسلم الصلاحيات رئيس مجلس الشعب وتمضي البلاد إلى انتخابات بشكل طبيعي مع حفاظها على مبادئها ومحدداتها الوطنية وتستمر المؤسسات في العمل….
نعم تدفعنا “تونس” لإعادة السؤال من جديد هل نحن عاجزون “كشعوب شرقية” أن نكون ديمقراطيين ومدنيين وإنسانيين وتقدميين ومنتجين ومتفاعلين ومتقبلين للرأي الآخر وناجحين ومنتصرين. ومتغيريين. ولدينا دول حديثة وعادلة…إلخ تدفعنا “تونس” للتساؤل وتجيب علينا بتجربتها.

اقرأ أيضاًعاجل: طائرة سورية تحط في تونس لأول مرة منذ عام 2011

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى