نقابة الفنانين السوريين أفضل الدواء: المَنع – بلال سليطين
عن منع ريم السواس وسارة الزكريا
قررت نقابة الفنانين السورية تحديد من يستطيع أن يغني في سوريا ومن هو ممنوع بناءً على المحتوى الذي يقدمه هؤلاء الفنانون الذين جاؤوا إلى البلاد لإحياء حفلات الصيف التي تأتي في ظل موجة “الاسثتمار بالرفاهية” التي شهدتها سوريا مؤخراً.
سناك سوري – بلال سليطين
أول الضحايا كان “ريم السواس وسارة الزكريا” بينما نجت “ليال خوري” من العقوبة وهي التي أثارت الجدل مؤخراً في حفلتها التي أقيمت بـ “وادي النصارى”.
منع “السواس، والزكريا” من الغناء لا يعني حماية الفن والثقافة في سوريا… ولا حماية المجتمع من الفن (الهابط)!. باختصار لأن السؤال أين هو الفن (المحترم) الذي تنتجه سوريا بكل مؤسساتها الثقافية وتستطيع إيصاله للجمهور؟.
في الحقيقة إن حفلة ريم السواس يحضرها جمهور يفوق كل جماهير أنشطة مركز ثقافي حكومي في عام كامل وربما منذ تأسيسه.
اقرأ أيضاً: نقابة الفنانين تلغي حفلة السواس.. ناشطون: أخدوني عالرازي جلطني محسن غازي
إذا كنت غير قادر على إنتاج محتوى يسمعه الجمهور فإنك عاجز عن مواجهة محتوى الآخرين (بغض النظر اذا كانت سياسة المواجهة بحد ذاتها صحيحة أو لاء). وسياسة المواجهة من هذا النوع تعبر عن أدلجة فكرية وثقافية. ولكي تنجح فيها يجب أن يكون لديك مشروع، وهذا المشروع يجب أن يمتلك من المرونة مايجعله قادراً على استقطاب الجمهور. فما هي قيمة أن تكون صاحب أهم مشروع في العالم ولا تستطيع أن توصله للمتلقي وتقنعه به؟!.
يقول نقيب الفنانين “محسن غازي” إن سوريا “بلد الفن الأصيل والراقي”؟ أين هو هذا الفن؟. هل يوجد بديل لـ “صباح فخري” في سوريا يحظى بشهرة عربية تضاهي 10% مما حظي به “فخري”؟. من هو الفنان/ة السورية الذين لديهم جماهيرية عربية اليوم؟. هل يوجد هوية للأغنية السورية؟. أين هي الأغنية السورية؟. أين هي اللهجة السورية من الغناء أصلاً؟.
اقرأ أيضاً: نقابة الفنانين: الفنانون فصيل طليعي
هناك عشرات الأسئلة التي أتمنى أن يستطيع نقيب الفنانين الإجابة عليها أو لا يخجل من الإجابة عليها.
فعلياً يوجد ذكريات فنية في سوريا تعود إلى حقبة محدودة في القرن الماضي وانتهى الأمر. وهذا لا يعني أنه لا يوجد جمهور ولا ذائقة فنية في سوريا على العكس تماماً لكن لا يوجد إنتاج محلي. ولا محتوى يمكنه الوصول للمتلقي.
تعالوا نتذكر آخر محتوى فني أصيل وراقي أنتجته سوريا؟!. من يستطيع أن يعطيني الآن أسماء لعشر أغاني أنتجتها في سوريا أو منها المؤسسات الثقافية الحكومية السورية وحتى الخاصة خلال العشرين عاماً الأخيرة.
من يستطيع أن يردد لنا أغنية واحدة (غير سياسية) من إنتاج التلفزيون السوري أو وزارة الثقافة أو وزارة الإعلام!؟.
سياسة المنع متجذرة في العقلية التي تدار فيها هذه البلاد. وهي أسهل طريقة بالنسبة لهم “هذا ممنوع وهذا مسموح”. لكن هذه الطريقة لم تنجح في أشد المراحل بدائية عندما كان الانتين الخارجي يكسر ثقافة المنع ويُدخل القنوات اللبنانية بانفتاحها إلى البيوت السورية. واليوم في ظل الانترنت والفضاء المفتوح فإن “ريم السواس” و”سارة الزكريا” تستطيعان الوصول إلى كل منزل وكل هاتف محمول وكل كمبيوتر في سوريا. بما فيها منازل وهواتف من يتخذون قرارات المنع.
وبالمناسبة أنا لا أقيّم المحتوى الذي تقدمه “السواس وزكريا”. ولست ناقداً فنياً ولا حارساً على المجتمع وذائقته الفنية. لكنني أتساءل عن الهوية الثقافية والفكرية لسوريا؟. ليس فقط سنوات الحرب بل من مرحلة مابعد الاستقلال إلى اليوم. أين هي الهوية وماهو شكلها وماهي محدداتها وملامحها؟.
أتساءل عن علاقة المؤسسات الثقافية السورية بالجمهور؟ عن معرفتها باهتمامات الجيل؟.
أتساءل عن مرونتها في التعامل مع كل مرحلة لصناعة هوية سورية والحفاظ عليها؟. عن قدرتها على الانسجام مع متغيرات العصر!. وعن وعن وعن فلا أجد أجوبة سوى أنها تختار أقصر الطرق “المنع”.