الرئيسيةشباب ومجتمع

لمن يهمه الأمر.. نحن جائعون

سوريون: الحياة ليست فقط "أكل وشرب" نريد أبعد من ذلك

سناك سوري-رحاب تامر

لم يعد يتعلق الأمر، بعدم القدرة على شراء غرامين من الذهب وتخبئتهما للأيام الصعبة، ولا بشراء حذاء أنيق نباهي فيه أمام الجميع، ولا حتى بارتداء ملابس جديدة أنيقة عوضاً عن القديمة المتهالكة التي نمتلكها، نحن هنا حقاً جائعون، هل تدركون الأمر، نحن جائعون، حقاً جائعون.

تقول جارتي التي خسرت 8 كيلو غرامات من وزنها خلال 3 أشهر، إنها لم تكن لتتخيل ان الريجيم سيفرض عليها بهذه الطريقة، ورغم سعادتها بالنتيجة، إلا أنها لا تحفي ألمها من الأسباب، وتضيف مفضلة عدم ذكر اسمها لتجنب الحرج: «أنا وزوجي موظفان، لدينا طفلان صغيران في المدرسة، نحن وصلنا حرفياً إلى المرحلة التي نفضل أن يتناول أطفالنا الطعام القليل الموجود، عوضاً عنا، ما أدى إلى نزول في وزني ووزن زوجي».

مع وصول البطاطا أو لحم الفقراء كما كانت تدعى سابقاً، إلى 2000 ليرة للكيلوغرام الواحد من النوعية السيئة، و3500 ليرة للكيلو الواحد من النوعية الجيدة، وصحن البيض لـ11800 ليرة، لا يبدو أن خيارات الطعام لدى السوريين قليلي الدخل متنوعة جداً، يقول “بسام” 45 عاماً موظف، إن صحن المجدرة بات وجبة غداء تستلزم حسابات لإجرائها، وأضاف لـ”سناك سوري”: «كيلو البرغل بات 2400 ليرة، وكيلو عدس المجدرة 3200 ليرة، تحتاج عائلتي التي أعيلها لوحدي إلى كيلو برغل ونصف كيلو عدس، أي بتكلفة 4000 ليرة، ومع صحن السلطة والزيت ستتجاوز تكلفة الغداء الـ7000 ألاف ليرة بالحد الأدنى، أي أن وجبة غداء واحدة تكلف شهرياً 210 ألاف ليرة، فكيف يتحملها راتبي الذي لا يتجاوز 80 ألف ليرة؟!».

يفشل “بسام” في كل مرة يجري فيها حساباته، لضمان كفاية الراتب الحكومي، والعمل الآخر الذي يمارسه، يضيف: «يبدو مافي مهرب من الجوع».

اقرأ أيضاً: الزواج في منزل العائلة.. فقدان للاستقلالية وتوفير بالمال والغاز والمازوت

الحياة ليست “أكل” فقط

ترفض “هيام” 38 عاماً القبول بفكرة البحث عن عمل لمجرد تأمين الطعام والحياة اليومية، وترى أن “الحياة ليست أكل وشرب فقط”، وتضيف: «الوضع مأساوي، على أصحاب القرار أن يعوا ذلك، ليس من المنطقي أن نمارس عدة أعمال، فقط لنؤمن طعامنا وشرابنا، نريد تأمين منزل، وسيارة، نريد ارتداء ملابس لائقة والتمتع بالحياة، ما يحدث ليس منطقياً أبداً».

تشعر “هدى” خريجة جامعية 32 عاماً، بالخذلان الكبير، وهي تنظر إلى شهادتها الجامعية في الأدب العربي، والتي لم تتمكن حتى اليوم وبعد 3 سنوات من إيجاد فرصة عمل حكومية بها، تضيف: «باستثناء بعض الدورات لطلاب المرحلة الابتدائية لا أملك أي عمل، والمردود المادي منها لا يكفي المصروف الشخصي، حقاً لا أريد الشعور بأني عالة على أهلي، لكن ليس هناك من مفر».

تفاصيل الحياة داخل المجتمع السوري، ليست مختلفة كثيراً عما يتم تداوله عبر صفحات السوشل ميديا، بفارق صغير، أن السخرية التي تدفعك للابتسام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لن تكون موجودة أبداً حين تقترب أكثر من التفاصيل المعيشية المؤلمة، هنا في الواقع، لن تجد شخصاً يضحك لأنه جائع، ولا امرأة مبتسمة لأنها لم تستطع تأمين طعام كافٍ لعائلتها، هنا يوجد الكثير من البؤس، أمام قلة نجحت في تخطي الحالة وإيجاد فرصة عمل براتب حقيقي.

اقرأ أيضاً: بين الدستور والراتب … متابعون يتفاعلون مع الحد الأدنى للأجور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى