عن الناجين من “الغوطة الشرقية” .. خرجنا بأعجوبة
بعد أشهر طويلة من المرض.. 150 مدنياً يحطون بما تبقى منهم في المستشفيات الحكومية ومخيمات الإيواء
سناك سوري – متابعات
“خرجنا بأعجوبة” .. بهذه الكلمات عبر الذين تم إجلاؤهم بعد طول انتظار من تحت القصف وبراثن الموت الذي ظهر لهم بألف وجه، ولم يترك لهم سوى فسحة ضيقة للحلم من أجل استدعاء الله، فخرجوا بأعجوبة.
كان يوم الثلاثاء حافلاً بكل شيء في “الغوطة الشرقية”، بالرصاص، والصواريخ، والهاون، والغارات والموت المختبئ خلف المتاريس، والأخبار التي تعصف بالرأس عن ضحية هنا، وحصار هناك.. كل ذلك وأكثر من المآسي اليومية لمواطنين سوريين تمردوا على الموت طويلاً ولكنهم فقط .. بحاجة لأعجوبة، فكان خبر خروج 150 مدنياً هو الخبر الأبيض الوحيد الذي نزع السواد عن شاشات التلفزة، والمواقع الاخبارية العاجلة.
في مدرسة نقل اليها المدنيون في “مخيم الوافدين” يقول “راتب الشيخ بكري” ذو الرجل الواحدة والخارج من مدينة “دوما” لوكالة “فرانس برس”: «أخبرني “الهلال الأحمر” أنه حان وقت خروجي لأنني كنت قد سجلت اسمي منذ عام ونصف العام. ودعت عائلتي وآمل أن أتمكن من رؤيتهم مجدداً.. خرجت وليس لدي “ساق”، والثانية مهددة بأن تصبح مثلها، جئت الى “الشام” لأتلقى العلاج وأنقذ رجلي». و”راتب” الذي يبلغ من العمر 56 سنة كان يظن لوهلة أنه خارج “الشام”، وهي على بعد حجر منه، ولكن الوصول إلى هذا الأفق بحاجة أيضاً إلى معجزة).
إقرأ أيضاً “دوما” مدينة الكرمة ودرة الغوطة الشرقية … تعرف على عاصمة “الريف الدمشقي”
وأمام سيارات الإسعاف والعيادة المتنقلة، وقفت جدة “محروس” البالغ من العمر عاماً ونصف العام، وهي تحمله ملفوفاً بغطاء صوفي، فيما وضعت أنبوباً في أنفه، متأملة أن يلقى حفيدها الذي يعاني من التهاب السحايا العلاج المناسب في “دمشق”.
بالمقابل جلس العشرات على كراس بلاستيكية إلى جانب حقائبهم والأكياس التي حملوها معهم، وفق مراسلة “فرانس برس”، قبل أن يتم نقل المدنيين الى مركز إيواء في “الدوير”، والمرضى إلى المستشفيات في العاصمة لتلقي العلاج.
و”أم عماد الأيوبي” (65 عاماً) التي تنتظر منذ سنتين دخول “دمشق” خضعت لعملية في القلب، وجاءت لمتابعة حالتها الصحية. وتقول: «خرجت على عجلة من أمري». لا أحد بمقدوره تخيل ماذا كان يمكن أن تحمله هذه السيدة في حقائبها لو تسنى لها الوقت لذلك! هل هي صور أفراد العائلة الذين ينتظرون هناك، أم قطعاً من ثياب تحتفظ فيها كذكريات لأطفالها).
إقرأ أيضاً خلاف روسي إيراني حول مصير الغوطة الشرقية
وبحسب تقارير “الأمم المتحدة” فإن نحو 400 ألف شخص يعيشون في “الغوطة الشرقية”، وهناك حاجة ماسة لإجلاء أكثر من ألف حالة طبية، معظمهم من النساء والأطفال، منهم 77 حالة يعد إجلاؤهم أولوية.
وبناء على المفاوضات التي تمت بين “جيش الإسلام”، و”مركز المصالحة الروسي”، قامت عدد من سيارات “الهلال الأحمر” بعد التدقيق في الأسماء بإجلاء 150 مواطناً من مدينة “دوما” عبر “مخيم الوافدين”، حيث أكد مصدر عسكري سوري لوكالة “فرانس برس” «أن 24 رجلاً، و44 امراة، و78 طفلاً، تم اجلاؤهم من “دوما”، مؤكداً عدم خروج أي من المقاتلين.
وتشهد المعارك الدائرة في “الغوطة الشرقية” تقدماً واضحاً للقوات الحكومية التي سيطرت على أكثر من نصف الغوطة، بعد تقسيمها عسكرياً إلى قسمين، ولكن الخطر الداهم على المدنيين جراء المعارك يتفاقم في كل لحظة، فهل يكون صوت العقل أقوى من كل هذا الخراب.
إقرأ أيضاً ابنة دوما.. السيدة التي أرادت لصوتها أن يعلو فوق صوت القذيفة