الرئيسيةشباب ومجتمعيوميات مواطن

عن الخبز الذي يشتريه المغتربون لأبناء قراهم

تعيد التجارة الداخلية على مسامعنا نشرة كلفة الخبز وكأنها تقول هل أنتم جاهزون؟

تعيد وزارة التجارة الداخلية على مسامعنا نشرة واضحة للتكلفة المعيارية لـ ثمن الخبز في سوريا وكأنها تقول هل أنتم جاهزون؟.

سناك سوري-رهان حبيب

تخطر في بالي صورة سيدة ضريرة استعانت بيدي لتصل إلى كوة الفرن ليس لديها بطاقة تلك التي تسمى ذكية. وسألت البائع معقول ما أكل خبز ببلدي؟.

لكن دموعي سبقت جوابه تكرمي ياخالة ورفض أن يشتري لها أحد منا الخبز. وعادت تحمل الأرغفة السبعة وطبعا لم تعرف المشكلة وأنها بالفعل قد لا تتمكن من أكل الخبز. وقد لا تجد من يتبرع لها أو لغيرها في حال ارتفعت الكلفة كما يرد على مسامعنا.

اليوم نتابع نشر كلفة الطحين والمحروقات والخميرة والعملية الإنتاجية وهذا بداية لعدة شائعات تتكهن بقادم غير جميل وغير مستساغ. قد يكون وشيكاً وفق ما ورد فإذا قاربت كلفة ربطة الخبز الثمان آلاف فإن التوقعات تأخذنا إلى أسعار جديدة. وعبء جديد يضاف إلى ما سبق من مازوت وبنزين ومواد غذائية بات الطفل أدرى بها من الكبير.

لكن من يزور الأفران ليحصل على خبزه يومياً أو عدة أيام في الأسبوع الواحد. لا يمكن له أن يتجاهل ما يرى حين يلتقي بمسن على عصاه أو مسنة تسير أكثر من نصف ساعة بخطاها وتسأل عن سعر الرغيف قبل أن تشتري. وتقلب في “عبها” لتجد مئة ليرة وحيدة أو طفل يحمل البطاقة دون مال. وينتظر البائع الذي سجل اسم عائلته في جدول معين وكثير ممن يعجزون عن الشراء حتى بالسعر المدعوم وهم كثر وأكثر من التوقع.

الخبز في سوريا
خبز مدعوم-سناك سوري

في عدة قرى من السويداء لن يعود هؤلاء بلا الخبز طبعاً لكن اسألوني كيف؟

ففي عدة قرى اتجه العمل الاجتماعي الخيري في ريف السويداء إلى تأمين ربطة الخبز للعائلات العاجزة عن تأمينه. في مبادرة لضمان ستر البيوت وتأمين كفايتها من الخبز كغذاء أساسي لا بديل عنه. وانتبهوا معي هنا نحن نتحدث عن الخبز ولا نتحدث عن عملية جراحية خطيرة. ولا عن مشروع طريق اقتصادي ولا شبكة إنارة ولن نقول كهرباء لأنها حلم بعيد المنال.

وبرغم تولي المغتربين هذه العملية بكلف كبيرة استمرت الخدمات وفي حالات كثيرة يدفع أحد المغتربين أجور الخبز لكل أهالي القرية. ليومين أو ثلاثة وفي بعض القرى امتدت الخدمة لأسبوع كامل بعطاء يدل على اهتمام وحرص المغتربين على مساعدة أهلهم.

ثمن الخبز في سوريا معضلة

وهنا أيضاً أتمنى أن تنتبهوا إلى أننا نتحدث عن ربطة الخبز 7 أرغفة بمئتي ليرة. تعجز عنها في قرية مثل قريتي أكثر من 70 أسرة وفي كل قرية إحصائية خاصة وجدول خاص يوثق في فرن القرية من قبل الجمعيات الخيرية. ليتمكن الأهالي من الحصول على خبزهم اليومي فما بالكم بارتفاع آخر هل سيتمكن الأهالي من تحمله. وهل كنز علي بابا الذي وجده أبناء بلدنا المغتربون سيتمكن من تغطية هوة ساحقة من الفقر. جعلت اليد أقصر من الحصول على رغيف الخبز الذي أصبح من سنوات معضلة بعملية الحصول عليه من الفرن ليكون على موائدنا نحن الفقراء أصحاب الدخل المحدود.

ومن لا دخل لهم عمال اليومية الذين لا يجدون العمل حتى يحصلون على يوميتهم وكبار السن العاجزون عن الوصل إلى مخبز قريب. وقد لا يجدون ثمن الأرغفة السبعة لتدهن بأي نوع أو قد لا تدهن وتؤكل ناشفة.

أحد المتقاعدين نشر على صفحته منذ قرابة العامين وقال إنه لم يتوقع يوما أن رغيفا ببعض نقط الزيت مع الزعتر أو ملعقة من اللبنة إن وجدت. ستكون وجبة موحدة للإفطار والغداء والعشاء ويبدو اليوم أن كثير منا يحلم حتى بمثل تلك الوجبة.

زر الذهاب إلى الأعلى