الرئيسيةرأي وتحليل

الشفقة على الذات في مواجهة الغضب – ناجي سعيد

كيف نتعامل مع الغضب بدون استخدام العنف؟

يعرف الغضب بأنه شعور انفعالي غير سارٍ، وبحسب المراجع العلميّة، هناك أربعة مشاعر: الفرح/ الحزن/ الخوف/ الغضب، وتضيف إليها مراجع أخرى: الإشمئزاز أو القرف.

سناك سوري-ناجي سعيد

وفي موضوعنا اليوم عن الغضب، فإنه يحدث عند التعرض لمكروه أو إصابة، أو سوء المعاملة، أو الشعور بالاستفزاز، أو معارضة الرأي. أو عند مواجهة عقبات تمنع من تحقيق الأهداف الشخصية. وقد يقود الغضب إلى العدوانية، لكن بإمكاننا إذا شعرنا بالغضب أن نتقبّله ونتفهّمه بشيء من الحكمة، والقوّة، والشجاعة، والحزم. ومن الحكمة طبعًا استخدام القوّة و الشجاعة والحزم بطريقة بعيدة كلّ البُعد عن العنف بشتّى أنواعه.

وبمعزل عن مراجع علم النفس وعلم النفس التربوي، فإن عالم التواصل اللاعنفي NVC يؤكّد أن التعبير عن الغضب بسلوك عنيف ناجم عن عدم تلبية حاجةٍ ما. وهذه الحاجة مرتبطة تمامًا بمفهوم “تحقيق الذات”. ولا يأبه من يطمح إلى مفهوم تحقيق الذات ما إذا كانت طريقة التعبير عن الغضب عنيفة أم لا، بل كلّ ما يعنيه أن يصل إلى “تحقيق الذات”. وموضوع شعور الغضب بحاجة إلى إدارة تربوية للمشاعر. وتكون مسبوقة ببيئة حاضنة تربويًّا لهذا الموضوع، وذلك للحفاظ على المسار اللاعنفي للإنسان.

ولقد أحسن “الدالاي لاما” حين قال “البطل الحقيقي هو من يقهر غضبه”.

اقرأ أيضاً: قبل احتفالات رأس السنة فلنهدأ قليلاً ولنفكر لماذا الرصاص؟ – ناجي سعيد

والموضوع من منظور بيولوجي، ليس سوى عملية دماغيّة، يُفرز خلالها الدماغ، ” .. عند الغضب تزداد ضربات القلب ويرتفع التنفس وتنقبض العضلات. وتنشط منطقة المهاد في المخ، لترسل إشارات لإفراز الأدرنالين والكورتيزول والتيستوستيرون، مبينة أن الحزن ناتج عن نقص مادة “الالكيفالين” (وهي مادة تقوم على تنظيم حس الألم في الجسم ) الذي يرسل إشارة إلى منطقة تحت المهاد فى المخ (الهايبوللاموس ). وهي حلقة الوصل ما بين الجهاز العصبى والجهاز الإفرازي من خلال الغدة النخامية التى تفرز مادتي “أستيل كولين” والنور أدرينالن”. (دراسة علمية، أجراها الباحث الفرنسى أنطون بيس)

وبحسب ما ذكر موقع healthline فإن العصب الخامس بالمخ هو المسؤول الأول عن نقل الأحاسيس من الوجه إلى الدماغ. وله ثلاثة فروع أساسية وهى العيون، الفك العلوى، الفك السفلى، وكل فرع يربط الأعصاب من الدماغ إلى أجزاء الوجه. كما أنه المسؤول عن نقل الأحاسيس إلى الفم والأسنان والوجه وتجويف الأنف. ويعتبر هو العصب الذى يسيطر على العضلات المستخدمة.

وبالتالي يكون الغضب مسؤولاً عن تفلّت السلوك العنيف، وقد يؤدي الغضب السلوكي إلى تآكل قدرة الفرد على تكوين علاقات تتسم بالثقة والاحترام والحفاظ عليها. ومن الطبيعي أن يحمل الجسم من ضمن الأنظمة الدفاعية عن الذات، مفهوم يُدعى “الشفقة”. وهدف ذلك هو: توجيه الشفقة إلى ذواتنا، ممّا يساعد المرء على الاسترخاء، والشعور بمزيد من الراحة، والتعامل مع الضغوط والمشاعر السلبية التي تغذي غضبنا بالطاقة. يبقى على المرء استخدام هذه الطاقة بشكل إيجابي، كي لا يتفاقم العنف والأذى للأشخاص في حال كانوا سلبييّ الطاقة.

يجب أن نتيقّن بأن الغضب والعدوانية هما الشق الأول من ردّ فعل الذات التي تعاني من عدم تلبية حاجة معيّنة وحتّى لو لم تكن من الحاجات الضروريّة. وتكون التربية مسؤولة عن “القتال أو الفرار”، وهما السلوكين اللذين يُترجما العنف فتارة يكون إيجابي ومؤذي (القتال) وأخرى يكون سلبي (الفرار). اللاعنف هو الشجاعة والقوّة، لكنّه يعزّز “المواجهة” بشكل عقلاني بعيد عن العواطف والسلبية المُدمّرة دونما تفكير.

وغير ذلك فالسلوك يهيئ أجسادنا لصدّ الخطر أو الفرار.

اقرأ أيضاً: الزواج والتربية اللاعنفية -ناجي سعيد

زر الذهاب إلى الأعلى