السوري المغترب في الخليج.. لا يجرف المال ومساحته تُختصر بسرير
مغتربون في الخليج يعانون من فقدان الخصوصية لكن "الكهرباء متوفرة" ولا سبيل للعودة
لم يجد علاء 24 عام، المغترب في الخليج، واقع غربته يشبه ما كان يتوقعه، وما زاد الطين بلة هو اقتصار مساحته الشخصية على سرير وغطاء ووسادة.
سناك سوري _ناديا سوقية
فعلاء عامل، استدان فوق مدخراته ليسافر إلى الخليج بدافع تحسين الوضع المعيشي. كان محظوظاً لتمكنه من الحصول على فرصة عمل بعد ٣ أشهر من الانتظار فقط. ومحظوظاً أكثر لإيجاده سكناً يدفع أجرته سدس أجره الشهري، ليبقى ما يستطيع إرساله إلى أهله .
غرفة لأربع قصص اغتراب
يقطن الشاب العشريني مع ٤ عمال سوريين في غرفة واحدة ، يطبخون ويشتركون بالطعام يسهرون سوياً ويتمشون إن شعروا بالملل. كم يقول لـ”سناك سوري” عبر واتساب.
يتغلب علاء ورفاقه على الاختلافات البسيطة التي ترافق أي عمل منزلي وموجودة في كل بيت من جلي وطبخ وتنظيف الأرض. لكي لا تلحق به إلى عمله.
الواقع لا يشبه التوقعات
أما مكالمة الأهل فيلجأ علاء لسرقة الوقت المناسب حين يكون زملاؤه بالسكن خارج المنزل. ليتحدث مع أهله عبر الفيديو ، وإذا لم تتاح الفرصة له يختار الخروج من المنزل.
يقول علاء الذي سافر لتحسين الأحوال المادية: «الكل يعتقد أن من يعمل بالخليج يعبئ المال بالمجرفة. مضروبين بحجر كبير لكن لا أحد يعرف الواقع وكم المعاناة وأيضاً المنافسة من الأجانب على الفرص».
الكل يعتقد أن من يعمل بالخليج يعبئ المال بالمجرفة، مضروبين بحجر كبير لكن لا أحد يعرف الواقع و كم المعاناة وأيضاً المنافسة من الأجانب على الفرص.
علاء _عامل سوري في الخليج
ويتفق نزار وهو مغترب في إحدى دول الخليج مع علاء، فأكثر الضغوط التي يواجهها تتعلق بالهدوء واحترام أفكار الآخر والملكية الشخصية. والخصوصية للمكالمات سواء مع العمل أو الأهل، وهذا يؤثر على التعامل مع الأصدقاء والأهل فيصبح أضيق، مما يؤثر سلباً في نفسية المغترب.
ويحرم المغترب برأي نزار من سماع موسيقى خاصة به بالصوت المرتفع على سبيل المثال. أو مشاهدة برنامج تلفزيوني يجبه اذا اختلف مع رأي الجماعة وأيضا القراءة ممكن أن تتعرقل لوجود ضجيج. كل تلك المعاناة لا يمكن أن يفهمها إلا من يعيشها.
السكن الجيد
أما ريناس ٢٨ عام ، جربت خلال ٣ سنوات من غربتها كل أنواع السكن المشترك فتدرجت حريتها من سرير مستقل فغرفة مستقلة ضمن سكن مشترك. إلى استديو وحالياً تقطن مع صديقتها في شقة من غرفتين.
تصف ريناس التي تعمل بالمجال الإعلامي ظروف سكنها في دبي بالجيدة اليوم، رغم أنه يكلفها ربع راتبها. فهي تسكن مع صديقتها لا يأكلان إلا سوية حتى لو انتظرت إحداهن ساعات إضافية لإنهاء الأخرى عملها.
تقول ريناس: «أفضل البقاء مغتربة لأن ظروف العمل هنا أفضل بكثير، ويبدو المستقبل أفضل».
أفضل البقاء مغتربة لأن ظروف العمل هنا أفضل بكثير، ويبدو المستقبل أفضل ريناس – صحفية تعمل بدبي
اقتناص الحرية الغائبة
تقيم روعة ٢٩ عام في سكن مشترك مع شابات عربيات، وتدفع سعر أقل منهن كونها استقلت قسماّ صغيراً مثل “ممر” له شرفة.
تجد روعة الشرفة هي المساحة الشخصية لها ففيها تجري مكالماتها. إلا أنها ترى ظروف السكن جيدة فالكهرباء متوفرة والغاز أيضاً ويوجد عاملة تنظيف تأتي بغيابهم في العمل وتنظف المنزل.
“روعة” التي وجدت عملاً بالتحرير الصحفي بعد ٦ أشهر من الانتظار، تثمن الراحة النفسية في البيت. فأية نقاشات متحولة إلى خصومات ممكن أن تؤثر على إنتاجيتها برأيها. لذلك تحاول وصديقاتها تجنب حمل الخلافات إلى اليوم التالي.
تستثمر الشابة العشرينية وقت الفراغ وصديقاتها بالتحدث عن عاداتهن ببلادهن وأكلاتهن التقليدية. ولا تفضل روعة العودة حالياً إلى البلد حتى تؤمن مستقبلها وحياتها على حد قولها .
فهل ستتغير أحوال البلاد ليعود أبناؤها أو يتمسكون بسرير في الغربة يستبدلونه بوطن كامل؟