أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليل

الأولوية الإنسانية والسياسة – ناجي سعيد

عندما لا تكون الأولوية الإنسانية بوصلة للفاعلين "بالمجتمع المدني"

شكل الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في شهر شباط الفائت حدثًا مأساويًّا عرّض سياسات دول وقوى وشخصيات لفضيحة تقديم المصالح السياسية على الإنسانية.

سناك سوري – ناجي سعيد

إن المبادئ الأساسية للعمل الانساني واضحة:« الإنسانيّة/ عدم التحيّز/ الحياد/ الاستقلال/ الخدمة الطوعيّة/ الوحدة/ العالميّة».

وقد اختصر الفنّان زياد الرحباني مبدأ “العالميّة” بأن قال في إحدى أغانيه:«اللي عم يحكوا اليوم هاو غير اللي ماتوا.. المعتّر بكلّ الأرض دايمًا هوّي ذاتو».

و” الحكي” كما هو متعارف عليه من اختصاص السياسيين. فالتعبير السائد عند أي تصريح سياسي لدى عامّة الناس هو قولهم المُعبّر عن عدم التصديق: ” حكي جرايد”!.  وفضيحة الجرائد (الأبواق منها) عند تناولها لموضوع إنساني، بأن ترى وتُقيّم أيّ مأساة إنسانيّة من منظار السياسة والأيديولوجيا التي تحكم وتتحكّم بتمويلها.

والمُلفت بالموضوع الإنساني هنا أنه يجب حصول كارثة طبيعيّة (كزلزال شباط). لفسح المجال أمام تقديم المساعدة الإنسانيّة دون اعتبارات السياسة.

اقرأ أيضاً:الزلزال والدين والعلم – ناجي سعيد

فقد أحرج الزلزال “الولايات المتحدة” ودفعها لرفع العقوبات الاقتصادية عن “سوريا” جزئياً. وهو بالمناسبة اعتراف أميركي بأن العقوبات تؤثر على الوضع الانساني. لكن الأولوية السياسية لدى بعض الأطراف في “سوريا” تدفعهم لنكران هذه الحقيقة والدفاع عن العقوبات التي يخجل منها الكثير من الأميركييين.

في الزلزال غابت الحماسة الدولية عن “سوريا” مقارنة بما شهدناه في “تركيا”. وهذا أيضاً عائد لخلفيات سياسية. فهذه الدول تريد علاقات جيدة مع “تركيا”. وتريد أن تفعل مايمكنها أن تحصد ثمنه بالسياسة. لكن بالوقت عينه أغلقت “تركيا” حدودها تجاه مناطق الشمال السوري في الأيام الأولى للكارثة. ولم تسمح سوى بإدخال الجثامين.

وجذر إغلاق الحدود أيضاً سياسي. فالسلطة هناك لديها انتخابات قريبة وتريد أن تكسبها بأي شكل. والملف السوري أحد الأدوات لكسبها فالسوريون اليوم جزء من صراع سياسي داخلي في “تركيا” وفتح الحدود بذلك الوقت كان قد يسمح للسياسيين المعارضين في “تركيا” بالقول « تساعدون السوريين وتتركون الأتراك؟ ». علماً أن المساعدات لم تكن لتأتي من “تركيا” بل من مختلف دول العالم الراغبة بمساعدة السوريين.

على الضفة الأخرى داخل “سوريا”. كنا نستمع لتصريحات متبادلة من السياسيين حول شروط إدخال المساعدات. شروط من نوع لمن ستصل؟ من أين ستصل؟ كيف ستمر؟ من سيرسلها..إلخ. وهذا أيضاً كله في سبيل هدف سياسي وضع أمام أولويات احتياجات الناس لهذه المساعدات.

لكن المستغرب أن توضع هكذا شروط سياسية على دخول المساعدات من قبل فاعلين بالمجتمع المدني السوري!. فاعلون هويتهم المعلنة إنسانية لكن شروطهم للعمل الانساني “سياسية”.

لقد شكل الزلزال ومازال فرصة لصناعة السلام الداخلي بين أبناء الشعب الواحد. وكذلك السلام بين أبناء المنطقة. السلام الذي نحتاج فعله بإرادتنا وليس أن ننتظر من “أميركا” و”الصين” تحفيزنا عليه لأن إحداهما تبحث عن استقرار يحافظ على تجارته.

اقرأ أيضاً:الشباب المندفع وتحذيرات من خطأين اثنين- ناجي سعيد

 

زر الذهاب إلى الأعلى