ولدت “نجاح حفيظ” ورحلت “فطوم حيص بيص”.. عندما تطبع الشخصية في ذاكرة المتلقي
"فطوم" قدمت في سبعينيات القرن الماضي ما تعجز عن تقديمه الدراما حالياً
ارتبط اسم “فطوم حيص بيص”، بالفنانة الراحلة “نجاح حفيظ”، ابنة مدينة دمشق. كما ارتبط بالجمهور أيضاً، منذ أن كانت الشاشة بالأبيض والأسود، وحتى اليوم ، مازال محبو “فطوم”. يرددون كلماتها في مسلسل “صح النوم” عندما كانت تجيب على الهاتف وتقول “فطوم حيص بيص تتكلم”. وينشرونها على صفحات” السوشل ميديا”.
سناك سوري – سها كامل
“نجاح حفيظ” بدورها في مسلسل “صح النوم” الذي عُرض في العام 1972 على شاشة التلفزيون السوري. كانت الفتاة الشرقية التي أعلنت حبها لـ”حسني البورظان” دون خوف، وقَبِل الجمهور مشاعرها. لا بل حزن من نهاية قصتها مع البورظان، التي ختمها المخرج “خلدون المالح” بزواج فطوم من العامل “ياسينو”. إلى الدرجة التي دفعت المخرج لانتاج فيلم “صح النوم” عام 1975 بنهاية سعيدة أرضت الجمهور، وهي زواج “فطوم والبورظان”. بينما يغني “غوار” في السجن “فطوم فطوم فطومة.. خبيني ببيت المونة.. بكرا لما بيجي البرد مالك غيري كانونة”.
قصة حب خلدتها الدراما
“فندق صح النوم لصاحبته فطوم”.. فطوم التي لم تخجل من حبها للصحافي المسكين “حسني البورظان”. الذي انتهى المسلسل قبل أن ينهي مقالته اليتيمة، لكنه رغم ذلك حفر بدايتها في الذاكرة الجمعية لدى السوريين. حتى الجيل الجديد مازال يردد بداية مقالته “إذا أردنا أن تعرف ماذا يحدث في إيطاليا علينا أن نعرف ماذا في البرازيل”.
اقرأ أيضاً: “ياسين بقوش” عرف أصوله الليبية بالصدفة وتوفي بفعل قذيفة
“البورظان” لم يكن يعرف ماذا يدور في “فندق صح النوم” بإحدى حارات دمشق القديمة، والمعروفة باسم حارة “كل مين إيدو أيلو”. داخل هذا الفندق وهذه الحارة كان الفنان “دريد لحام” بدور “غوار الطوشي” الذي يعمل في الفندق و العاشق لمعلمته “فطوم”. يحيك الخطط والمؤامرات مع صديقه “ناجي جبر” بدور القبضاي “أبو عنتر” ليجعل زواج فطوم والبورظان مستحيلاً.
لمعت “نجاح حفيظ” كالنجمة في مسلسل “صح النوم” الذي كتبه “نهاد قلعي”. و تركز الخطّ الدراميّ الأساسيّ، على قصة حب فطوم و حسني، عبر تسلسل دارمي كوميدي مشوّق، لتقدم “نجاح حفيظ” من خلال دورها “فطوم حيص بيص”. مثالاً عن المرأة الريادية، و تكسر قوالب نمطية كرّسها المجتمع في نظرته للمرأة، فشخصية “فطوم حيص بيص”، إمراة قوية مستقلة تدير فندقاً وموظفين رجال. لكنها غاية في الأنوثة، أحبّت رجلا مختلفا عن رجال الحارة، مثقف صحافي ومهتم. لتستطيع “فطوم” في سبعينيات القرن الماضي أن تقدم ما تعجز عنه الدراما حالياً، التي كرست وما تزال تكسر تقديم المرأة كـ “ست منزل منشغلة بإرضاء زوجها فقط”.
رافقت شخصية “فطوم” “نجاح حفيظ” في تمثيلية “ملح وسكر” الجزء الثاني من مسلسل “صح النوم” عام 1974. الذي تدور أحداثه في سجن حارة “كل مين إيدو أيلو” أيضاً، وهو أيضاً من إخراج خلدون المالح و تمثيلها مع “نهاد قلعي ودريد لحام” وغيرهم. ومازالت تمثيلية “ملح وسكر” تُبث في أول وثاني أيام العيد بالكثير من المحطات العربية.
اقرأ أيضاً: “خلدون المالح” مخرج الروائع الذي رحل بصمت!
وبقيت هذه الشخصية، علامة مميزة بمسيرة الفنانة “حفيظ”، لكنها استنفذت كل حضورها الكوميدي والرومانسي. بالأعمال التي قدمتها في فترة السبعينيات من القرن العشرين، أما في الثمانينات تحوّلت إلى نموذج الأم المضحية عبر تمثيليات عن الأم. منها مسلسل “تجارب عائلية” مع المخرج “علاء الدين كوكش” عام 1981، و تمثيلة “الأم الطيبة” تأليف “خالد حمدي”، وتمثيلية “الأم”. تأليف “فؤاد شربجي”، لتكون رمزاً للأم السورية رغم أنها لم تُنجب أبداً.
“نجاح حفيظ” التي تعتبر من المؤسسين للدراما والسينما السورية، غابت في سنواتها الأخيرة عن الشاشة السورية. وعاتبت نقابة الفنانين السوريين، معتبرةً أنها تجاهلت من أسسوا الدراما السورية على حساب “فنانين صاعدين”.
وقالت “حفيظ” في مقابلة لها مع جريدة “الأنباء” الكويتية العام 2015 «أنا لا أملك شيئاً أعطيه غير فني. ليس هناك أي نوع من التواصل معي من قبل النقابة أو المخرجين، وكثير من الفنانين لا نراهم على الشاشة. فنانون لم نسمع عن سيرتهم الفنية إلا بعد وفاتهم، عندما يكرمونهم لمدة نصف ساعة على الشاشات وينتهي الأمر». لترحل فطوم” عن عالمنا في 6 آيار عام 2017 عن عمر 76 عاماً، في دمشق، بعد أن عاشت أياماً عصيبة مع المرض.