بدا المشهد العام للأعمال الدرامية السورية في السباق الرمضاني الحالي، مليئاً بمسلسلات البيئة الشامية، وحضور خجول لباقي الأنواع. سواء الاجتماعي، الكوميدي وحتى الفانتازيا التاريخية.
سناك سوري – ناديا المير محمود
فكان من اللافت إعلان تأجيل عرض بعض الأعمال الاجتماعية قبل أيام قليلة من بدء السباق الرمضاني. وحول هذا الموضوع، تحدث الصحفي والناقد الفني “عامر فؤاد عامر” لسناك سوري، عن أسباب غيابها والمشهد الدرامي السوري بالعموم.
واعتبر “عامر”، أنه كان هناك تحضير وتنفيذ لعدد لا بأس به من المسلسلات الاجتماعية. لكن بالإمكان القول إن السبب الرئيسي لغياب تلك الأعمال، هو خطة التسويق والبيع وضمان وجود محطة لعرض العمل.
اقرأ أيضاً:جبارة: توقيت العرض وعدم الترويج أسباب فشل بعض الأعمال الدرامية
وتابع “عامر” أن «غزو مسلسلات المنصّة أو القصيرة، قد أثّر كثيراً على عدد الأعمال الطّويلة، التي تنفذها الشّركات وتخصص وقت عرضها في شهر رمضان». لافتا أن المعايير اختلفت عن السّابق، و«يتوجب أخذ استعدادات جديدة تبدأ مع نهاية الموسم وتنتهي مع بداية الجديد. أيّ على مدار عام كامل، وهو أمر لم نره منذ أكثر من إحدى عشر عاماً».
أثر غياب المسلسلات الاجتماعية
وبالنسبة لمن يعوّل على المسلسلات بأن تأتي بحل بعد عرض المشاكل الاجتماعية، يقول “عامر”: «ربّما لن نحقق من الحلّ شيئاً أو جزء صغير يكاد لا يفي بالغرض منه».
واعتاد المشاهد أن تكون الدراما مرآة لمشاكله، وبناءً عليه فأنه كلما قلّ عددها زاد معها غياب تلك المشكلات. وفق الناقد، مضيفاً أن «العلاقة طردية» ما بينهما، ونوّه متأسفاً أن الدراما السّوريّة في مرحلة من التّراجع المستمر. فلا يوجد صنف درامي وافي الحضور من بين كل الأصناف. حتى أعمال البيئة الشاميّة لم تحقق الهدف المرجو منها، إلا الربح للمنتج فقط، في غياب كامل للأخرى كالكوميدي والتّاريخي.
اقرأ أيضاً:ياسر العظمة: الدراما السورية تحتضر ومقطوع الأمل منها
الحل الأنسب هو وجود سوق داخلي
كثرت المطالب نحو هذا الحل منذ سنوات طويلة، وذلك لتلافي المطبات التي تقع بها الدراما السورية اليوم ولكن لم يصل جواب. حسب ما ذكر “عامر” لسناك سوري.
وقال “عامر” إنه في حال وجود سوق داخلية مؤلّفة من شركات إنتاج وقنوات عارضة ومنصّات إلكترونيّة. «حنيها يمكننا محاسبة أنفسنا في حال أي تقصير وارد»، أما الآن فالحل بعيد عن متناول الأيدي، «طالما أنّ المسلسل السّوري لا يجد مكاناً له على شاشات العرض، على امتداد السّاحة العربيّة».
اقرأ أيضاً:تركي آل الشيخ يفتقد الدراما السورية ويتمنى عودتها
صنّاع الدّراما في سوريا غافلين أو يتغافلون
فيما يتعلق بالتجارب المهمة والناجحة على صعيد الكتّاب السوريين، واستبعادهم رغم أن رواج أعمالهم أمر شبه مضمون. كشف “عامر” أن السّبب في ذلك السّوق الجديد المنافس، فالعديد من الدول أدركت ومنذ مدّة ليست بالقليلة أن الدّراما حالة مؤثّرة.
تماشياً مع المبدأ الذي سار عليه صنّاع السّينما الأمريكيّة، «حيث أماتت بقوّة العديد من مدارس السّينما ومنها في أوروبا. من أجل سيطرة الفيلم الهوليودي، ونشره في كلّ بقاع الأرض، وبالتّالي إيصال أيّ فكرة تخدم الدّولة وسياستها وثقافتها».
ليشير “عامر” إلى نهوض غير مسبوق للإنتاج الخليجي، وحضور كبير للمال الخليجي لسحب الكوادر من كلّ البلاد بما فيها سوريا. وتهميش أي منتج آخر حتّى لو كان صاحب تاريخ كالدراما السوريّة.
ومن هنا بدأت المهرجانات في السعودية، وبدأ النجوم من مختلف الدول بالسفر إلى مدن الإنتاج. ليبدأ سحب البساط من تحت أرجلنا. يقول “عامر” ويضيف أن «صنّاع الدّراما في سوريا غافلين أو يتغافلون عن كلّ ذلك».موقع سناك سوري.
اقرأ أيضاً:المعلّم في الحضور والغياب … رحيل الأديب السوري فؤاد المرعي
فرص نجاح الأعمال المعروضة أكيدة
فبعد أن تم عرض “الكروزن، خريف عُمر، النار بالنار” كنماذج عن الأعمال الاجتماعية، أكد “عامر” لسناك سوري فرصتها الكبيرة بالنجاح، ولكن لو كان عددها أكبر. فكان تعداد القضايا الاجتماعيّة متنوع أكثر. (وبالتّالي مع وجود ثلاثة أعمال فقط، لا بدّ من وصف ذلك بالمحدوديّة)، بسبب بحث المتلقي المحلي والعربي عن مسلسلات أكثر نضوجاً. أو على الأقلّ تحمل اهتماماته التي تعنيه. ومن وجهة نظر “عامر” المعروض حالياً، لن يتصدّى لكلّ أنواع المشاكل بكلّ تأكيد، وهنا تكمن خسارة المتلقي مع مرور الوقت.
ما الذي ينقص الدراما الاجتماعية لتكون بالواجهة؟
يجيب “عامر” عن هذا التساؤل، ويقول إنه يعود لنقص الوعي في البحث الجاد من قبل المنتج، عن نصوص حقيقيّة تشبه السوريين. يرافقها أيضاً وعيه لمسألة التسويق منذ بداية إنتاج العمل. وليس قبل أيام كما حصل في هذا الموسم وغيره.
ليعود “عامر” إلى الرواية السورية، مشيداً بالروائيين والأدباء السوريين، كأسماء مهمة على الساحة العربية والعالمية. متسائلاً لما لا يتم أخذ كتبهم وتحويلها إلى مسلسلات؟
اقرأ أيضاً:استخدام اللهجات المحلية في الدراما السورية.. نجاح رغم الانتقادات
«حين نتذكر أنّ المواضيع الجادّة تشبهنا أكثر من المواضيع السّطحيّة المطروحة في معظم ما نشاهده. سنترك البصمة التي يجب أن تكون، وستحقق لنا الدراما مكانتها، وسينتظر المشاهدون العمل الدرامي السوري من موسمٍ إلى آخر»، يواصل “عامر” حديثه عن الدراما السورية.
المشهد الدرامي السوري غير مُبشر
وصف “عامر” المشهد الدرامي السوري حتى الآن بغير المبشّر، فالصراخ والعنتريات والتّشوهات مرتفعة في البيئة الشامية، مع تجميل الأشرار والرفع من شأنهم كحالة غريبة حسب قوله.
مضيفاً أن الأخطاء الفنية كثيرة، خلال هذا الموسم، كدلالة إلى أنّ من يصنع العمل وينتجه غير مدرك لتفاصيل عمله على الإطلاق. مع حضور قوي للمشكلة الأكبر وهي “انتقاء النص الجيد”.
اقرأ أيضاً:بعد جدل المسلسلات … وزير الإعلام يكشف عن خطة لدراما 2023
وللابتعاد عن تعميم اللوم وتغييب الإيجابي. يرى “عامر” أن مسلسل “الزند”، (على الرغم من أنّه سوري بإنتاج لبناني، إلا أنّه مسلسل يدعو للتفاؤل، فيه جهود تستحق الاحترام، وقصة لافتة مع إخراج يحترم الذائقة). كحال مسلسل “خريف عُمر” الذي وجده “عامر” بأن فيه جهود تستحق التقدير بكافة عناصره.
وعلى الرغم من إمكانية حدوث تغييرات مفاجئة، ولا سيما أن العروض ما زالت بالبداية، إلا أن الحقيقة حسب ما تابعه “عامر” أن كل مسلسل «عبّر عن نفسه منذ البداية لا يمكن أن يتم تجاهله».
يشار إلى أن الدراما السورية ومنذ سنوات، تعرضت لكثير من الانتقادات بعد أن تهاوى مستواها المعتاد، وكانت للحرب آثارها الواضحة كحال أي شأن سوري.