عطور رهامول.. كيميائية تخلّت عن الوظيفة لتبدأ مشروع تركيب العطور
رهام سلمان تلقّت شارة البدء من مسلسل ولا تبالي بعبارة: "كيميائية وبتركبي عطر"
اختارت الكيميائية “رهام سلمان” 29 عاماً، العمل في تركيب العطور بمشروعها عطور “رهامول“، بعد رحلة عمل شاقة في عدد من المعامل. لم تحقق لها أي عائد مادي أو تحفيز معنوي. لتمتلك الجرأة الكافية وتبتعد من سطوة المدير والوظيفة وتبدأ مشروعها الخاص.
سناك سوري-حلا علي
في غرفتها الصغيرة داخل منزلها في العاصمة دمشق، وبمعدات بسيطة، تكرس “رهام” طاقتها لمشروعها الخاص. عوضاً عن هدرها في الوظائف. الشابة التي تخرجت عام 2019 من كلية الكيمياء العضوية في جامعة تشرين. عملت في 5 معامل تنوعت بين الكيمياء العضوية. وكيمياء الزجاج، والرصاص والأدوية وحتى كيمياء الكريمات والعطور.
إلا أنها لم تبقَ في أي معمل أكثر من 3 أشهر لعدة أسباب. أبرزها مشقة الطريق فهي من سكان المزة ومعظم المعامل في عدرا العمالية. إذ كانت تخرج من الخامسة صباحاً ولا تعود لمنزلها قبل الخامسة مساء.
أما السبب الآخر، فتشترك فيه مع كثير من الشباب والشابات السوريات الذين يتعرضون للاستغلال والاستهلاك الطاقي مقابل راتب زهيد. وفي حالة “رهام” كانت توعد بزيادة في الراتب بعد مضي 3 أشهر إلا أن صاحب العمل كان يتنصل من وعده. كما قالت لـ”سناك سوري”، مضيفة أن هذا الواقع جعلها تضطر لأخذ المال من أهلها بنهاية الشهر لتستطيع الوصول إلى عملها.
أما المفارقة التي جعلتها تغيّر مجرى حياتها بالكامل نحو العمل لخاص. فكانت حين عملت في مخبر كيميائي عام 2022، واختارت وظيفة السكرتارية لأن راتبها كان 250 ألف وهو أعلى من راتب الكيميائي في المختبر بـ100 ألف ليرة. على حد تعبيرها.
مسلسل طائر الصباح بداية الفكرة
فكرة مشروع تركيب العطور كانت متواجدة لدى “رهام” منذ كانت في سنتها الدراسية الثالثة. وكانت تنتظر الوقت المناسب لشراء المعدات بمبالغ مالية حاولت ادخارها. وأكثر ما شجعها هو أن سوريا بلد الوردة الشامية والياسمين فلماذا تستورد العطور. “ليش ما منصنعه عنا”؟.
وبينما كانت غارقة في تفكيرها تصادف مشاهدتها لمسلسل اسمه “طائر الصباح”، كانت بطلته اسمها رهام وتعمل في تركيب العطور. لتعتبره إشارة لها وتبدأ بتنفيذ مشروعها من غرفتها الصغيرة.
أبصر مشروع رهام النور عام 2023، واختارت له اسم “رهامول”. لأنها تحب عطر الهامول فدمجته مع اسمها. ثم كان عليها البحث عبر الإنترنت لتغذية مشروعها الصغير بالأفكار ومعرفة كيفية التسويق والإنتاج. فتعلمت التسويق الإلكتروني ووضعت خطة استراتيجية خاصة بتسويق منتجاتها.
تركب العطور بكل حب
بأدوات بسيطة مثل الكحول والميزان وبعض الزيوت العطرية التي تستخرجها بنفسها. مثل زيت القهوة وغيره، تركب رهام عطورها بكل حب، تقول وتضيف لـ”سناك سوري”، أن معاناتها الأكبر في تأمين رأس المال اللازم لشراء الزيوت العطرية مرتفعة الثمن.
كذلك فإن التقنين الكهربائي أحد العوائق، فهي تنتظر قدوم الكهرباء لتقطر الورود والفاكهه لاستخراج الزيت على الطباخ الكهربائي نتيجة عدم توفر الغاز المنزلي.
النظرة السطحية من البعض
لعلّ أكثر ما يصعب على رهام هو نظرة البعض السطحية لمشروعها. وتقول إن الثقافة العطرية في بلادنا شبه معدومة، كذلك ثقافة العمل حيث تسمع باستمرار عبارات مثل “أنتِ كيميائية وبدك تعبي عطر؟”. مضيفة أن القصة أكبر من سيرنك وعلبة عطر، فهي ككيميائية مختصة بتركيب العطور من مهامها دراسة شخصية الشخص لتركيب عطر يناسب شخصيته.
وتتراوح أسعار عطور “رهامول” بين 15 إلى 20 ألف ليرة بحسب النوع والحجم. وهي تحاول ألا تزيد في السعر مع الحفاظ على الجودة، لتستطيع تسويق منتجاتها في ظل الظروف المعيشية الحالية.
ويعتبر بدء مشروع صغير في سوريا مغامرة كبيرة، وحتى الأمس القريب كان معظم الشباب والشابات يفضلون الحصول على وظيفة براتب ثابت. سواء في القطاع العام أو الخاص، قبل أن يتغير الحال قليلاً نتيجة تدني الرواتب. وعدم ملائمها لتكاليف المعيشة.
إشراف: داليا عبد الكريم