“عصام الزعيم” الراحل بنوبة قهر وطني بامتياز!
“الزعيم” الذي حمل عدة ألقاب أسوأها “معالي الوزير”!
سناك سوري _ محمد العمر
مرّت ذكرى رحيل الدكتور “عصام الزعيم” يوم أمس دون صخب، رغم أنه واحد من الشخصيات التي يجب أن تُستعاد سيرتها باستمرار في تاريخ “سوريا” المعاصر.
“الزعيم” المولود في “حلب” عام 1940 رحل يوم 14 كانون الأول 2007 بسيرة مليئة بقصص النجاح لكنها انتهت بخاتمة من القهر الوطني الذي يُقال أنه السبب الرئيسي في تلك النوبة القلبية التي قضى “الزعيم” على إثرها.
سافر “الزعيم” في وقت مبكر من عمره إلى “فرنسا” ولم يعد إلى البلاد إلا بعد عقود طويلة، وعلى الرغم من أن الكثير من السوريين يعرفون “الزعيم” بأنه وزير سابق إلا أن مسيرته العلمية تثبت أن الوزارة هي أقل ما فعله الرجل.
حيث يقول الصحفي اللبناني “طلال سلمان” في إحدى مقالاته «إن ألقاب “الزعيم” العلمية كثيرة والأردأ فيها اللقب السياسي معالي الوزير الذي استُدرج به ليخدم وطنه فخسرناه بغير أن يربح الوطن أو دولته قيد الإنشاء منذ دهور».
تنقّل “الزعيم” في المناصب العلمية في “فرنسا” بين “المجلس الوطني للبحث العلمي” في “باريس” إلى معهد “البحث الاقتصادي والتخطيط” في جامعة “غرنوبل” الفرنسية، ليتوجّه بعدها إلى “الجزائر” كمستشار لشركة النفط الوطنية الجزائرية “سوناتراك” إضافة إلى مشاركته في تأسيس جمعية “اقتصاديي العالم الثالث” في “الجزائر” منتصف السبعينيات.
وتوسّعت تجربة “الزعيم” الأكاديمية عبر عمله كأستاذ جامعي في جامعات “لوفان” البلجيكية و “سان لويس الأمريكية” في “النمسا” إلى أن انتقل إلى “المكسيك” التي أمضى فيها سنوات طويلة يعمل في جامعاتها لاسيما جامعة “الكولوخيو دي مكسيكو”.
عمل “الزعيم” مع عدة جامعات في أمريكا اللاتينية، كما عمل مع منظمات “الأمم المتحدة” المختلفة، كمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وإدارة التعاون الفني من أجل التنمية في “الأمم المتحدة”، وبرنامج “الأمم المتحدة الإنمائي” ولعلّ مسيرته العلمية لا تتسع في مقالة صحفية واحدة فهو المتنقل بين العديد من المنظمات والجامعات حول العالم.
اقرأ أيضاً:رجال أعمال سوريون يؤسسون منظمة عالمية للأعمال في “رومانيا”
ورغم تلك المسيرة الحافلة عبر قارات العالم فإن “الزعيم” لم ينسَ التفكير في بلاده من جهة لكنه لم يحظَ باهتمام الحكومات المتعاقبة لاستثمار علمه من جهة أخرى، حيث أعدّ “الزعيم” عام 1990 دراسة عن “تطوير القطاع الصناعي في سوريا” دون أن يكترث إليها المسؤولون ويُحكى أن مسؤولاً حزبياً سابقاً سرق الدراسة وقدّمها باسمه في أحد مؤتمرات الحزب.
حينما بلغ “الزعيم” الستين من عمره تم دعوته إلى “دمشق” وعلى رأي “طلال سلمان” فإنه استُدرِج للوزارة، حيث تم تعيينه في آذار 2000 وزيراً للدولة لشؤون التخطيط في حكومة ترأسها “مصطفى ميرو” وخلال تلك الفترة وضع الوزير “الزعيم” دراسات تنموية حول الاقتصاد السوري، مثل مشروع “مكافحة البطالة في سوريا” و “استراتيجية سوريا 2020”.
بحلول كانون الأول 2001 تشكّلت حكومة “ميرو” الثانية التي عيّن فيها “الزعيم” وزيراً للصناعة ويرى كثيرون أن الانتقال إلى منصب عملي أضرّ بـ”الزعيم”، لكن النهاية التي لم تكن متوقّعة هي قرار وزير المالية آنذاك “محمد الحسين” بالحجز على أموال “الزعيم” وفتح تحقيق معه في قضايا فساد.
اتهم “الزعيم” بأنه صرف مستحقات مالية لشركة ألمانية عملت على تطوير معمل “غزل جبلة” فيما يُقال أنها تأخرت عن المدة المنصوص عليها في العقد، وبعيداً عن تفاصيل تلك القضية فإن “الزعيم” نفى حينها في تصريح لصحيفة “الخليج” الإماراتية أن يكون قد وقّع على أي أمر لصرف تلك المستحقات.
من جهته كتب وزير الاقتصاد السوري السابق “نضال الشعار” عبر صفحته على فايسبوك أمس أن قضية الشركة الألمانية لم تكن هي السبب وراء القهر الذي أصاب “الزعيم”، كما أن تهمة الفساد سرعان ما سقطت عن الرجل المعروف بنزاهته خلال التحقيقات لكنها أبعدته عن العمل الوزاري مع نهاية عهد حكومة “ميرو” الثانية عام 2003.
سببت تلك الحادثة صدمة معنوية للرجل العائد إلى بلاده بخبرته العلمية أملاً في أن يخدم بها وطنه بعد طول غياب عنه، لكن أروقة العمل السياسي والوزاري لم تكن بتلك المثالية فقد استمر “الزعيم” بالسعي حتى النهاية لنشر علمه داخل “سوريا”.
وفي مقالة قبل يوم واحد من وفاة “الزعيم” يروي الصحفي السوري “زياد غصن” أن “الزعيم” يعيش في منزل مستأجر ويستمر في مساعيه لنشر نتائج مسيرة عقود من الزمن أمضاها في الجامعات العالمية والمنظمات الدولية وفي أهم وزارتين في “سوريا”، مضيفاً أن الإخلاص وسوية الأخلاق لن يجعلا من “الزعيم” رجل أعمال ومليونير!
اقرأ أيضاً:حارس الأسرار التدمرية الذي أعدمه “داعش” ولم تعترف الحكومة بشهادته!