رهاب البرد يغزو عقول سوريين.. لماذا توقفت الحكومة عن دفع تعويض التدفئة؟
هل سيمر عام آخر دون تدفئة أو تعويض؟
لم يمر شتاء بقسوة شتاء ٢٠٢٢ الذي ودعناه منذ أيام قليلة، حيث انخفاض درجات الحرارة غير المعتاد، والتي تلقاها السوريون بمئة ليتر مازوت، على دفعتين دون أي تعويض يشبه تعويض التدفئة الذي منح للعاملين في الدولة لعدة سنوات.
سناك سوري-رهان حبيب
تعويض التدفئة أقر عام ٢٠٠٢ واستمر حتى عام ٢٠١١، لمعالجة ارتفاع سعر برميل النفط بالتزامن مع الغزو الأميركي للعراق، حيث جاءت الحكومة حينها بالتعويض الذي كان أقل بكثير من تغطية نفقات ارتفاع المازوت وباقي حوامل الطاقة لكنني وجيلي لم نشعر بالبرد حينها.
تقول صديقتي “إيناس” ٥٣ عاما، حينها لم تجد عائلتها صعوبة بتفريغ غرفة لطالبة الشهادة الثانوية، مع مدفأة تعمل طيلة اليوم، لكن هذا العام «عجزنا عن تأمين تدفئة لابني طالب الثانوي ولم يزد وقت المدفأة عن ساعتين وقد مرت علينا أيام عصيبة».
تضيف لـ”سناك سوري”: «كطلاب في تلك المرحلة لم نكن نعي آثار ارتفاع الأسعار ولانعرف أن والدي لم يتقاضّ حينها ما يكفي للتدفئة، وكان على الوالد تأمين كمية تزيد عن سبع براميل لتأمين التدفئة وأيضا لم نشعر بالبرد مع راتب لايزيد على ٥٠٠ ليرة».
استلمت “إيناس” راتبها الأول بعد تعيينها على الفئة الأولى قبل ٢٠١١، وكان يتضمن تعويض التدفئة، ورغم أنه لم يكن يكفي للتدفئة إلا أن البرد «لم يخترق عظامنا كهذا العام».
اقرأ أيضاً: مغلي البهارات بديل المازوت لبث الدفء في الشتاء
ماترويه “إيناس” يعيده “كمال سعيد” ٥٩ عاما الذي يستعد للتقاعد، ويزيد عليه أنه وقبل عشر سنوات كان أمام الموظف الذي لم يتجاوز راتبه وكل الفئات في تلك المرحلة ٤ آلاف ليرة فرصة الحصول على المادة بالتقسيط فالمادة متوفرة، ويكفي أن تتصل بصاحب صهريج حتى تصلك الكمية ولديك فرصة للتقسيط على عدة دفعات، بالتالي فإن الراتب والتعويض لم يكونا يوما يفيان بالحاجة كاملة لكنهما كانا يغطيان جزء جيد من الحاجة بخلاف اليوم، يضيف: «حكم على الموظف بالعناء، لكنني لم أتخيل ما ستصل اليه الأمور».
في العام ٢٠١١ تم دمج تعويض التدفئة وغلاء المعيشة مع الراتب واعتباره جزءاً منه، وظلت كمية المحروقات تصل للمنزل بشكل اعتيادي، ومع بداية الحرب ورغم كل الظروف استمر الوضع كذلك.
بعدها عايش السوري وأسرته دفتر تضمن قسائم للمازوت بعدد أشهر الشتاء، حددت كمية معينة للحصول عليها في كل شهر ومن هنا حددت الكمية واضطرت أسر لبيع قسائمها، وصرنا نسمع عن أسر تمضي الشتاء بلا تدفئة وظهرت قصص دعم المادة وكلفتها وانتقلنا إلى تسجيل الطلبات ومنها إلى البطاقة الذكية بعد سنوات أمضاها السوري يحمل بدونا ويتنقل بين محطة وآخرى وذهبت أيام التعويض وذهبت معها المادة.
أخيرا.. نعلم جميعا كم نال البرد من أجساد السوريين فلماذا لم تطرح فكرة تعويض للمادة بالسعر الرائج، فهذا ليس ضربا من الخيال لأن الأسرة بالسويداء تحتاج في الشتاء بالحدود الدنيا إلى ٥٠٠ ليتر بكلفة مليونين وخمسمائة ألف بحسب سعر ليتر السوق السوداء الذي وصل إلى ٤٥٠٠ ليرة، ومهما اقتصدت الأسرة لن تكفيها الـ١٠٠ ليتر المخصصة لها من الحكومة عبر البطاقة الذكية.
كل هذه الأسئلة غير مجدية الآن ولاتخفف من رهاب البرد الذي أصاب الأهالي لتجدهم بعد ارتفاع درجات الحرارة يبحثون عن المادة، ويترقبون السعر ويقطعون من احتياجهم ثمن بعض ليترات لأنهم باتوا يخافون البرد حتى بأشهر الصيف، لشعورهم أن لعنة البرد حلت بأجسادهم وأجساد أولادهم.
اقرأ أيضاً: عزيزي المسؤول..ما أخبارك أنت وسياراتك وبدلاتك وساعاتك ومازوت مدفأتك