“راؤول فيتالي” حلَّ لغز أقدم الرُقُم في العالم ورحل

سناك سوري- متابعات
يصادف اليوم ذكرى رحيل المفكر والموسيقي “راؤول فيتالي” الذي تمكن من إعادة ترتيب “السلم الموسيقي البابلي” وهو ماعجز عنه علماء الموسيقى والآثار لسنوات طويلة جداً، تحديداً منذ اكتشافه عام 1957 حين وجد العلماء في أوغاريت 36 رقيماً طينياً اكتشفوا فيما بعد أنها تضم أقدم الرقم الموسيقية في العالم، وحين بدأت محاولات فك طلاسمها باءت جميعها بالفشل قبل أن يتدخل “فيتالي” ويفكها ليتم عزفها لأول مرة عام 1979 في اللاذقية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الذهبية لاكتشاف مدينة أوغاريت.
وبحسب مايقول كتاب “A Hurrian Musical Score from Ugarit” لمؤلفه الموسيقي “Marcelle duchesne-guillemin” فإن المشكلة التي واجهت كل من حاول فك طلاسم الرقم الموسيقية تكمن في أمرين هما: الأول طريقة العزف المفترضة على السلم الموسيقي البابلي الذي لا يعرف مدى قربه أو بعده عن السلم الموسيقي الحديث، والثاني يكمن في الجهل بمعرفة زمن النغمات وفواصل الصمت بين النغمات إضافة إلى المقدمة والخاتمة”، علماً أن مؤلف هذا الكتاب نفسه فشل أربع مرات هي عدد محاولاته لفك الشيفرة.
من هو راؤول فيتالي؟
ولد “فيتالي”في “اللاذقية” بتاريخ 12 شباط عام 1928، تدرج في مدارسها وبعد نيله الثانوية توجه لدراسة الفيزياء في “الجامعة الأميركية” بـ “بيروت” وحصل عام 1949 على شهادته الجامعية، حيث درس الفيزياء بموجبها في الجامعة اللبنانية قبل أن يقرر السفر لفرنسا لإكمال دراسته، إلا أنه عاد سريعاً وبحسب ماينقل أصدقائه عنه فقد أخبرهم أن جو فرنسا لا يناسبه.
عاد “فيتالي” إلى “اللاذقية” عام 1975 بالتزامن مع بداية الحرب الأهلية في “لبنان” مصطحباً معه زوجته اللبنانية “نايلا عازار” ليستقر في “اللاذقية” بشكل نهائي مع عائلته المكونة من زوجة وثلاث أطفال صاروا رجالاً اليوم، حيث أسس مع الراحل “جبرائيل سعادة” جمعية العاديات في المدينة.
أصدقاء فيتالي يتحدثون عنه
يقول الباحث الأثري “سجيع قرقماز” وهو صديق الراحل “فيتالي”: «تمكن فيتالي من معرفة تفاصيل الرقيم الفيزيائية ففك جميع أسراره ليتضح أن الرقيم عبارة ٌعن نشيد ديني باللغة الحورية، على الوجه الأول منه، وعلى الوجه الثاني توجد طريقة عزف وغناء هذا النشيد، أي باختصار شديد، وبلغة عصرنا التنويط الموسيقي».
اعتبر الباحثون في العالم أن فك فيتالي للشيفرة الموسيقية الأوغاريتية هي الأنجح في تاريخ البحث عن ترجمة هذا الرقيم، ومن بين العلماء الذين أعجبوا لهذه المحاولة العالمين “ويست” و”أو. ر.غيرني”.
لكن شغف “فيتالي” بالتاريخ والآثار لم يتوقف هنا إنما تمكن مع باحثين آخرين بترجمة ملحمة “أقهارت” التي تعدّ ملحمة الخلق الأوغاريتية.
نهاية الرحلة الفيتالية
فيتالي الذي أتقن العديد من اللغات كالفرنسية والإنكليزية والألمانية توفي في 29 أيلول عام 2003، بينما مايزال اللاذقانيون يذكرونه بكثير من الحب، وتجدهم ينقلون عنه قوله الشهير: «إن “اللاذقيين” هم الأقدر على استيعاب اللغة الأوغاريتية وفك رموزها، لقربها من لهجتهم حيث ماتزال مفرداتها تعيش بينهم».