دفتر إملاء نجمة الروضة.. ينصر أمومة موظفة حكومية
أم سورية تضحّي بذكريات ابنتها لتواجه برد الحياة.. أحرقتُ ذكريات طفلتي لأجل كوب من الحليب

انتصر دفتر الإملاء على صراع الدول الساعية إلى تعزيز نفوذها في مناطق سوريّة عدة، وأنقذت ورقاته أمومة الموظفة الحكومية، لإشعال النار وغلي إبريق الحليب بعد نفاذ جرة الغاز، منتصرةً بذلك أيضاً على جو الانقسام بالبلاد وبحر الدم الجاري بشكل متقطع.
سناك سوري _ دفتر الإملاء
لم تركن تلك الموظفة إلى فراشها ليلة أمس السبت إلا بصحبة هم جديد تبلغ قيمته 135ألف ليرة اسمه “جرة غاز”، فرغم ضآلة المبلغ مادياً، لكنه بمثابة نكبة جديدة، حلت براتبها البالغ 240 ألف، لا سيما أنها من المخذولات التي عجز صندوق معتمدية الرواتب عن تقبيضها المنحة.
فجاء اليوم الأول من الدوام، مليئاً بالأوف دون الميجانا، فحياة السوري لم تعد تهوى أن تترك حيزاً للغناء، ويكون موشّحَا اللعنات والتذمر سيّدا الموقف حسب ما جرت العادة بحكم سنين مرت وأيام حالية لم تكن أقل حملاً مما مضى.
وتحولت أوراق الإملاء التي كُتب عليها: “جيد جداً يا أميرتي… وثابري يا نجمة الروضة” إلى رماد، لكنها أنقذت صباحاً كان يمكن أن يبدأ ببكاء طفلة، في منزل تحكمه الضرورة وتغيب عنه الخيارات.
معاييرنا مقلوبة.. وأولويات تعاد صياغتها
تتبدل قيمة الأشياء في سوريا بحسب المرحلة العمرية والظرف المعيشي، ففي حين قد تبكي الطفلة على دفترها، ترى الأم في احتراقه تضحية لا مفر منها. إنها الأمومة في زمن الحرب، حين لا تكون الخيارات متاحة، ويصبح البحث عن أقل الخسائر هو الانتصار الحقيقي.
سوريا.. أمل بكتابة تاريخ جديد
في بلد يُرهقه الماضي ويثقل حاضره، نواصل نحن السوريون ابتكار حلولنا اليومية لمواجهة الأزمات. وبينما يلهو الأطفال ويتعلمون حروفهم الأولى، يحلم الكبار بأن يستطيع هؤلاء الصغار، في يوم ما، كتابة تاريخ أكثر عدلاً وسلاماً، وترديد ذكريات أقل ألماً من تلك التي عاشها آباؤهم وأجدادهم.