تحية بـ 500 ليرة محروقة أشعلت حرباً ظنّوا أنها خامدة
عرس يتحول إلى ساحة معركة... يلي شبكها يخلصها
كان في حينا أسرة مؤلفة من 6 أخوة يعيشون في بيت من طابق أرضي وأمامه بستان صغير زرعوا فيه بعض الأشجار المثمرة كالحمضيات والأكيدنيا وغيرها.
سناك سوري – بلال سليطين
وفي يوم من الأيام وبينما كنت أقف على شرفة منزلنا المطلة على منزلهم وأرضهم سمعت صراخاً قوياً. تبعه خروج الأخوة إلى ساحة المنزل وهو يتدافعون ومن ثم بدأ الضرب بين بعضهم. حتى أنني لم أعرف من منهم ضد من. فقد بدا الأمر وكأن كلهم يضربون بعضهم دون تحديد.
بهذا الحي الشعبي البسيط كان الجيران يعرفون بعضهم جيداً منذ عشرات السنين. وقد اتخذوا موقفاً من حرب الأخوة هذه، فمنهم من دعم طرفاً ومنهم من وقف مع الآخر وهناك من اتخذ الحياد خياراً. ومن كان حيادياً تعرض لوابل من اتهامات الأطراف بالتخاذل والخيانة لهم.
بعد سنوات بدأ الجيران يملون هذا الصراع الذي لطالما تكرر بأشكال مختلفة مثل قطع شجرة الأخ. أو تسميم قط الأخ الثاني، صولاً إلى إشعال النار في الفراش وهي لم تنجح في قتل الأخ.
تغيرت مواقف الجيران سواء الذين كانوا يحرّضون الأخوة ضد بعضهم أو الذين كانوا يقولون “الله يطفيها بنوره”. فالزمن كفيل بالتغيير أحياناً دون وقوع حدث جوهري لتغيير الموقف والرأي. وقد لعبت طول مدة إقامة العائلة في هذا الحي قبل “الحرب” دوراً في تغيير موقف الجيران الذين أرادو استعادة علاقاتهم المستقرة مع عائلة عندها “70 سنة حضارة بالحي”. وأرادوا ألا يتأثر أبناؤهم في هذا الصراع.
اقرأ أيضاً: الأولى من نوعها منذ عام 2011.. وزير الخارجية المصري في دمشق
فبدأت الزيارات إلى منزل العائلة تتوافد، وعلى اعتبار وجود بستان أمام المنزل فقد تحول إلى مكان الجلوس. فيقصد مثلاً العم أبو حسان وهو من كبار الحي هذه الأسرة وجميع أفرادها يحترمونه فما أن يدخل ويجلس مع أحدهم. حتى يدعوا الآخرين للانضمام والجلوس معه فيلبّون تقديراً له.
لوهلة بدت الأمور مستقرة، وظن الجميع أن هذه العائلة تجاوزت خلافاتها . فها هم يستقبلون الضيوف من كل حدب وصوب وكثيراً ما يجلسون مع بعضهم البعض بحضور هؤلاء الضيوف. ومنذ فترة لم نشهد أي اشتباكات بين الأبناء.
وفي أحد الأيام قرر جارنا سيء الحظ أن يدعو الأخوة جميعاً (كأسرة) لعرس ابنه، فنحن في هذا الحي مشهورون بالأعراس الشعبية والوطنية والزوجية.
ولأن العرس مهم فيجب أن يكون المطرب مهم. فاختاروا مطرباً شعبياً مشهوراً لإحياء الحفل مادفع الأخوة جميعاً للحضور “من يغيب عن عرس لهذا المطرب الشهير”.
في منتصف العرس وبينما كانت أصوات الأغاني تعلو والجميع “ينخ ويدبك” في العرس، نهض أحد الأخوة وذهب إلى المطرب وأعطاه “500 محروقة” لكي يقول له تحية على المايك”. (أحلى ٥٠٠ ليرة محروقة)
استفزت التحية شقيقه فرد عليه بأخرى من نوع (أحلى ١٠٠٠ محروقة). وتطور الوضع حتى وصلنا على ٥٠٠٠ ليرة قيمة التحية (رقم كبير بوقتها) وتحولت إلى مناكفات بين الأخوة وسط العرس.
شيئاً فشئياً تصعّد الوضع وتحول العرس لمعركة كُسرت فيها الكراسي فوق رؤوس الأخوة والمعازيم. وأُحرقت صالة الحي التي بناها أبناؤها معاً لإحياء المناسبات. وأصيب العشرات بجروح في مشهد أعاد الأسرة لنقطة البداية عندما وقعت المشكلة الأولى قبل سنوات.
اقرأ أيضاً: بثينة شعبان: بايدن لا يهتم بضحايا الكوارث في أميركا
في اليوم الثاني وكأي حي شعبي تحول العرس إلى موضوع حديث لكل الأهالي. وبينما كان مجموعة من الرجال مجتمعين في دكان يملكه رجل حكيم وصاحب نكتة. راحوا يتبادلون الآراء حول الأسباب فمنهم من قال إنه لم يكن على المطرب أن يقبل التحيات. وهناك من حمّل المسؤولين لمن دعا الأخوة للعرس. ومن قال إن فلان حرّضهم ضد بعضهم وووإلخ من أحاديث.
بهذه الأثناء كان صاحب الدكان مستمعاً للحديث ويبيع الزبائن بنفس الوقت، إلا أن تأويل المتحدثين استفزه فرمقهم بغضب وقال:« هدول بعد المشكلة الأولى ما قعدوا مع بعض ولا حكوا ولا تناقشوا ولا تصافت القلوب ولا انحلت المشكلة بيناتهم من الأساس لهيك طبيعي بأول فرصة يرجعوا يدمروا هالعيلة».