باليوم العالمي لحقوق الطفل.. الحقوق تتقلص لحجم علبة حليب
حليب الأطفال بات ترفاً.. رضّع يتناولون حليب الأبقار والحليب المنّكه
أمضت صديقتي أياماً عصيبة، وهي تستجدي ثمن علبة الحليب الخامسة لطفلتها، شهر أيلول الفائت، قبل أن نتشارك نحن زميلاتها وزملاؤها في الوظيفة الحكومية، ثمن علبة الحليب الأخيرة لطفلتها، فمن وقتها اتخذت قراراً باستبدال علبة الحليب المخصصة للرضع، بحليب الأبقار لعدم قدرتها على دفع ثمن الحليب.
سناك سوري-وفاء محمد
كان عمر الطفلة حينها لا يتجاوز الـ7 أشهر، وفي مثل هذا العمر عادة ما يحذر الأطباء من منح الطفل أي حليب آخر، سوى حليب والدته أو الحليب المخصص للأطفال الرضع، لكن مع وصول ثمن العلبة منه لأكثر من 13 ألف ليرة، واحتياج الطفل لنحو 5 علب شهرياً بالحد الأدنى، بات هذا النوع من الحليب “رفاهية” لمن استطاع إليها سبيلا.
تقول صديقتي، إنها استشارت الطبيبة بالأمر، وقالت لها إن حليب الرضع هو الأفضل فإن لم تستطع، فعليها تعقيم حليب الأبقار بالغلي جيدا لمدة 20 دقيقة على نار هادئة، ومن ثم خلطه مع المياه بمقدار الثلث حليب والثلثين مياه، واستمرت الحال على ما هي عليه، لمدة شهر تقريباً، قبل أن تبيع جارة صديقتي البقرة نظرا لارتفاع سعر الأعلاف والخسائر التي منيت بها، وعاد عناء البحث مجددا للوالدة التي لم تعرف كيف تتصرف، اتصلت بطبيبة طفلتها مرة ثانية، وأخبرتها أن تشتري حليبا مجففا من أحد الأنواع المتوفرة، وتمنحه لطفلتها، وبالفعل هذا ما حدث.
اقرأ أيضاً: قصة حقيقية.. وفاة عريس… هل قتله التفكير بالحليب والحفوضات؟
تلك الحادثة هي جزء من مشاهدات يومية، لابد أن غالبيتنا سمعوا بها أو سمعوا قصصاً مشابهة، في الحقيقة هي لا تغيب عن ذهني، إنما تذكرها اليوم السبت 20 تشرين الثاني، والكتابة عنها جاء بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل.
في هذا اليوم أيضاً، أتذكر صديقة أخرى تعمل في إحدى المنظمات الإنسانية داخل محافظة “اللاذقية”، حين أخبرتني يوماً أن سيدة زارتهم وطلبت أن يتم منحها معونة تحوي حليبا مخصصا للاطفال، مؤكدة لهم أن طفلها الرضيع لم يتناول سوى علب الحليب “المنكه” منذ ثلاث أيام، لعدم قدرتها على شراء الحليب له.
والحليب “المنكه” هو ذلك النوع التجاري المخصص للأطفال كنوع من الحلوى، ويأتي منكها بطعومات صناعية غالباً، ومن غير المستحب أن يتناوله الأطفال الرضع كبديل عن الحليب غذائهم الرئيسي.
في هذا اليوم، اليوم العالمي لحقوق الطفل، تقلصت أحلام الكثير من الأمهات والآباء إلى حجم علبة حليب للرضع، هي في أصل الأمر من أبسط حقوقه، على أمل أن يتم تحقيق “الحلم” أو “الحق” في الغد القريب، وحتى ذلك الغد كل عام وأطفالنا مترفون بالحليب!.
اقرأ أيضاً: امرأة تحمل أطفالها في صندوق فوق رأسها بحثاً عن حليب