اليوم طبختنا لحمة – لينا ديوب
إنها اللحمة بعد طول غياب والشكر لارتفاع سعر الخضار

«لحمة؟؟! بعد اليوم لن أتقبل منك الحديث عن الغلاء وتردي المعيشة»، تقول زميلتي بالعمل عندما رأتني أحملها، أما زميلي قال لي: «لا أذكر آخر مرة أكلت بها لحمة».
سناك سوري-لينا ديوب
كمن ارتكبت سلوكا فاحشا بدأت بالدفاع عن نفسي بمرافعة تضم مقارنة بين الأسعار وتكلفة كل وجبة، سواء استبعدنا اللحمة أو اشتريناها، موضحة لهم أن نصف كيلو لحمة عجل هبرة مفرومة في صالة السورية للتجارة ثمنها 11 ألف ليرة سورية، أي أن أسعار الخضار تساوت مع هذا السعر، وأكثر من ذلك، إذا استخدمناها في طبخة واحدة سنحصل على وجبة شهية تسعد العائلة كعائلتي المؤلفة من أربعة أشخاص، سواء كانت هذه الوجبة (شيش برك) أو (كبة بالصينية)، أو فطائر باللحمة، وإن وزعتها على طبختين ستوفر كمية لحمة مناسبة لوجبة كمحشي الملفوف، أو وجبة رز بفول.
يبدو أن موجات الغلاء المتتالية على اللحمة زرعت فينا فوبيا بأننا لن نستطيع تناولها في وجباتنا، لكن غلاء الخضار الأخير، أعاد البعض إليها بلحظة غضب، لأن كيلو فاصولياء واحد بـ9000 ليرة لا يكفي وجبة للأسرة، كذلك الأمر بالنسبة لبقية خضار الموسم كالزهرة مثلا سعر الكيلو منها 2500 ليرة، فهي من الخضار التي تقل كميتها بالطبخ وتحتاج للزيت للقلي ولا يحبها غالبية الأطفال واليافعين.
اقرأ أيضاً: خشية إملاق.. هو ذا حال “المستورين” اليوم – لينا ديوب
قلق ارتفاع الأسعار وهم تأمين لقمة العيش، ليس جديدا علينا نحن السوريون والسوريات، لكنه أجبرنا في شهر رمضان هذا الذي يحتل مكانة خاصة لدى غالبيتنا، لجهة موائد صلة الرحم العامرة بمشروبات خاصة وصحون حلويات خاصة أيضا، أجبرنا على ترك الكثير منها، وعلى حديث يومي يتناول كيفية تحايلنا على ما يتوفر في جيوبنا لشراء الحاجات الأكثر إلحاحاً، حتى لم نعد قادرين على إعادة ترتيب الأولويات.
وجبة اللحمة التي أدخلت السعادة لأسرتي، دفعتهم لشكري قائلين مع كل لقمة شيشبرك، هذا هو الطعام وليس الفول المقلى، هذه النكهة الحقيقية وليست الزهرة مع التوم.
غضب غلاء الخضار المؤقت، ومضاهاة سعرها لسعر اللحمة، الذي دفع البعض لشرائها، لا يعني توفر القدرة الشرائية للحصول عليها دائما، كما توفر بهجة طبق رمضاني مميز.
اقرأ أيضاً: مطبخ أمي الحزين – لينا ديوب