الصدمة النفسية تضرب السوريين بعد الزلزال… النوم مصدر قلق
عندما يتحول النوم من مصدر راحة إلى مصدر قلق.. سوريا بعد الزلزال
تعرض الملايين في المناطق المتضررة لصدمة نفسية كبيرة نتيجة الزلزال الذي ضرب سوريا في 6 شباط 2023. وتحول النوم إلى مصدر قلق للأهالي في تلك المناطق والذين باتوا يخشون الخلود للنوم خوفاً من تكرار تجربتهم السابقة.
سناك سوري – حلب – اللاذقية – حماة
شهادات لعشرات المتضررين ممن التقيناهم في المحافظات المتضررة سواءً في مراكز الإيواء أو خارجها تشير إلى أن النوم الذي كان مصدر راحة بال للناس أصبح مصدر قلق.
الأهالي الذين شهدوا الزلزال أشاروا إلى أن حالة القلق تزداد ليلاً بشكل كبير. وأنهم مازالوا إلى اليوم يراقبون المؤشرات لاحتمال حدوث هزة كتكرار النظر إلى أدوات الإنارة المعلقة بالسقف مثلاً.
بينما يشير آخرون إلى أنهم يشعرون بحدوث هزة بين الحين والآخر. ولكن هذا الشعور يكون من وحي الخيال وناجم عن حالة الخوف التي يعيشونها. وفق ماقالوا لفريق بحث سناك سوري.
لحظات الهلع تتكرر في ذاكرة من عاشوها، الرعب الذي كان يومياً في سنوات الحرب عاد من جديد وتلك الومضات لا تزول من الذاكرة وتتكرر في ترتيبها اهتزاز السرير، عدم استيعاب ما جرى، أصوات البكاء، مشهد الناس في الشوارع، الخوف المشترك، كلها لا تزال حاضرة بعد أيام على الفاجعة.
حالة الأطفال في المناطق المتضررة أيضاً غير مستقرة حيث يعانون من الخوف والقلق. وتشير شهادات من التقيناهم إلى أن أطفالهم يطلبون النوم بقربهم هذه الأيام. بالإضافة لتكرر كوابيس متشابهة وصحوتهم من النوم خائفين وحديثهم المتكرر عن الموت تحت الأنقاض.
وتروي عائلة ناجية من الزلزال لـ سناك سوري، كيف أن طفلتها ماتزال تحت تأثير الصدمة. حيث كانت تشتهر بنومها العميق ليلاً، بينما اليوم لا تفارق والدتها حين يخيم المساء. وتسهر حتى ساعة متأخرة، وحين تنام تجلس بشكل لا إرادي لعدة مرات بالليلة الواحدة، دون أن تبدي أي ردة فعل. فقط تستيقظ وتجلس في السرير وتتكور على نفسها.
المنزل صار مخيفاً
كذلك يعاني البعض حالة خوف من العودة لمنازلهم رغم أنها غير متضررة أو لم يسجل ضرر هندسي فيها.
وبحسب شهادة شابة عمرها 24 سنة في اللاذقية تحدثت لـ سناك سوري. فإن لديها حاجز نفسي من العودة لمنزلها. وتخشى تكرار ماحدث مرة أخرة مبينةً أنها إلى الآن تعاني من تكرار المشهد في مخيلتها “السرير يهتز، واللوحة المعلقة على الحائط تسقط..إلخ”.
من الآثار التي تم رصدها أيضاً ضعف الإقبال على تناول الطعام. زيادة استهلاك مسكنات الآلام لدى بعض الذين شهدوا وقوع الزلزال . في حلب وكذلك جبلة تحدث بعض الناجين عن تشنج بأعصاب الوجه مصاحبين لشعور مستمر بالتوتر والقلق.
الأرض تدور منذ 3 أيام
شعور مستمر بدوران الأرض من تحت الأشخاص يعاني منه البعض أيضاً. إضافة لفقدان في التركيز، والخوف من أي صوت بالمحيط. تقول إحدى الشهادات التي حصل عليها سناك سوري أنها صباح اليوم الثالث بعد الزلزال استيقظت مرعوبة وركضت تجري خارج المنزل معتقدةً أن الزلزال قد وقع مجدداً.
بينما اكتشفت لاحقاً أن هاتفها كان يرن على الاهتزاز فقط ما أدى لسماعها صوت ارتجاجه مع الطاولة الصغيرة التي كان عليها. الأمر الذي تسبب بذعر في كل المنزل.
حاجة البكاء
رغم حالة الحزن الكبيرة التي خلفها الزلزال إلا أن هناك من يعانون مشكلة عدم القدرة على البكاء. وبحسب الشهادات التي حصلنا عليها فإن كثيرين يغمرهم الحزن لكنهم عجزوا عن البكاء رغم حاجتهم الماسة له.
الشهادات شملت ذكوراً وإناثاً وأطفالً وكباراً، ومعظمها فيه تقاطعات بذات المشكلة بما فيها مثلاً الحاجة للبكاء التي اعترف بها كل 7 من أصل 10 رجال متضررين التقيناهم. لكنهم أكدوا أنهم لم يستطيعوا البكاء رغم رغبتهم به.
أولويات التدخل النفسي
يعد التدخل النفسي أحد الأولويات لما بعد الصدمة، ومن الواضح أن مئات الآلاف يعانون حالياً صدمة نفسية جراء الزلزال. وهؤلاء لديهم بالأساس صدمة نفسية من الحرب وآثار نفسية عليهم من الواقع الاقتصادي والمعيشي.
الأمر الذي يجعل التدخلات النفسية أولوية آنية لمساعدة الناس على استعادة استقرارها النفسي وأقلها القدرة على النوم الذي يعد أهم مصادر الراحة والأمان.
وبالتالي تبرز أهمية برامج الدعم النفسي للمتضررين والعمل على مساعدتهم نفسياً إلى جانب أعمال الإغاثة. وهذه مسؤوليات منظمات المجتمع المدني والجهات المانحة. إضافة لمسؤولية الجهات الحكومية المعنية بتوجيه الدعم نحو الحاجات الهامة وعدم استبعاد الجانب النفسي.
اقرأ أيضاً :حلب.. البحث مستمر في ركام 4 مواقع وتضاؤل الأمل بالعثور على ناجين