الرئيسيةشباب ومجتمع

الأطفال يشترون ويدخنون السجائر… ومسؤولون حكوميون يخالفون القانون

سهولة تدخين الشباب واليافعين.. قانون منع التدخين في الأماكن المغلقة غير مطبق

يمكن لأي طفل أو مراهق في سوريا شراء السجائر من المحلات أو تدخين الأرجيلة في معظم المقاهي العامة. وحتى ضمن الدوائر الحكومية فإننا نجد مسؤولين حكوميين يدخنون في مكاتبهم وبعضهم لا يمانع من نشر صوره على فيسبوك وهو يمج سيجارته.

سناك سوري – دمشق

مراهق لا يتجاوز “15 عاماً” وبيده سيجارة ينفث الدخان من رئتيه كمدخن له من العمر الكثير. ليس وصفاً تعبيرياً لمشهد تلفزيوني أو سينمائي. بل حقيقة يعاينها السوريون في الحدائق والشوارع والمقاهي . فالأطفال المدخنون في كل مكان دون رقابة مجتمعية أو حكومية. ولا يقتصر الأمر على التدخين بل يتعداه إلى يافع لم يبلغ بعد وبيده النرجيلة في أحد المقاهي متجاهلاً هو ومن يقدمها له أنها ممنوعة لمن هم في سنه.

هذا المشهد مكرر بصورة أخرى في الأماكن المغلقة بما فيها الدوائر الحكومية. إذ لا يخفي موظفون ومسؤولون حكوميون تدخينهم في أماكن عملهم. ويشرعون سجائرهم بوجه المراجعين وأمامهم على الطاولة منفضة مليئة بالسجائر.

صورة منشورة على فيسبوك لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تظهر التدخين ضمن صالات البيع المغلقة

وقد رصدنا موظفين يدخنون في الوحدات الإدارية للإدارة المحلية. وفي مديريات المالية والعقارية والنفوس والمياه وفي الجامعات..إلخ ضمن المكاتب وكذلك في الأروقة دون حسيب أو رقيب.

ماذا يقول القانون تجاه بيع السجائر للأطفال أو تدخين النرجيلة؟

في عام 2009 شهدت سوريا ثورة حقيقية لناحية ضبط موضوع التدخين، فأصدرت القانون رقم 62 لعام 2009 والذي نظم بيع السجائر والتدخين في الأماكن العامة.

حيث حظر القانون بشكل كامل بيع السجائر لمن هم دون 18 عاماً. وأصبح البائع نظرياً غير قادر على بيع علبة السجائر لأي شخص تحت هذا السن ويمكنه طلب هوية المشتري للتأكد من سنه في حال شعر أنه دون السن القانوني. وقد طبق هذا الأمر حينها بشكل كبير وشكل القانون رادعاً للبائعين لكن بقي حينها الآباء يرسلون أبناءهم لشراء السجائر لهم.

يمكن اليوم أن يدخن الناس في الصالات الرياضية وفي المشافي وفي أي مكان دون رادع- الصورة الرئيسية نموذجاً

كما منع القانون التدخين في الأماكن المغلقة وكانت المؤسسات الحكومية ملتزمة في البدايات بهذا القانون. حيث شهدنا رقابة فعلية وأشخاص مسؤولين عن تنفيذ المهمة في كل دائرة. وبدا الأمر حينها أننا ذاهبون باتجاه التزام حكومي عام يساهم في الحد من ظاهر التدخين العشوائي والسلبي.

إضافة لذلك وضع القانون قيوداً صارمة على تقديم الأراجيل في الأماكن المغلقة والعامة كالمقاهي وفرض عليهم تخصيص مساحة من الأماكن غير المغلقة للمدخنين بنسب محددة من مساحة المحل العام. وعليهم اتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة لضمان التهوية الكافية في المكان المخصص للمدخنين. وذلك وفق المادة 5 من القانون. وفي الحقيقة تم الالتزام بشكل كبير بتطبيق هذا البند وشهدنا لأول مرة منذ عقود طويلة مقاهي لا تعبق بالدخان بحيث يمكن لك الجلوس دون أن تكون مدخناً سلبياً.

سهولة شراء علب السجائر والتدخين في المقاهي يزيد نسبة تدخين اليافعين والشباب

لكن تطبيق القانون انحسر تدريجياً حتى أصبح حبراً على ورق. إذ يتفق بائعا سجائر، أحدهما في حي الميدان والآخر بالقرب من حديقة الجاحظ أن اليافعين هم أكثر من يشتري علب السجائر منهما.

وقد أصبح اليوم من السهل جداً لليافعين الانخراط في عالم المدخنين بكل بساطة ودون رقابة، فهناك عوامل مشجعة لهم من الأسرة للقانون.

تُحمّل الأخصائية “نورا شخيص” الأسرة والقانون معاً المسؤولية عن زيادة نسبة التدخين وسهولة الحصول على السجائر. وتقول «الطفل يتأثر أولاً بالعائلة. والعائلة ترسل أبناءها لشراء علب السجائر بحجة أنه مسموح للكبار وليس للصغار. لكن تهيئ الطفل لمرحلة معينة حتى يستطيع التغلب على القوانين الأسرية والتدخين بحريته». وتضيف:«إنّ مشاهدة الآباء أو الأمهات وهما يدخنان أو عندما يكونا غاضبين ثم بعد التدخين يهدآن توحي للطفل بأنه سلوك عادي ما يدفعه لتقليدهما».

الأماكن التي يمنع التدخين فيها- سوريا
الأماكن التي يمنع التدخين فيها- سوريا

قانون منع التدخين … قاصر ويحتاج إلى تعديل وتطبيق

لم تسمع “بيان” 28 عاماً بوجود قانون يضبط التدخين بهذا الشكل إلا بعدما سألناها عنه في سناك سوري. فرأت أنه قانون مهم لو تم تطبيقه خصوصاً  فيما يتعلق بتخصيص أماكن للتدخين في الأماكن العامة المغلقة طالما لا قدرة على كبح الظاهرة بشكل كامل.

وكان سناك سوري قد استطلع  آراء عدد من الشباب/ت حول قانون منع التدخين في الأماكن المغلقة ومنع بيع التبغ للأطفال في عينة شملت 5 محافظات سورية. تُجمِع العينة على أن القانون لا يطبق في الأماكن العامة والمغلقة والباعة لا يلتزمون فيه أيضاً.

“لؤي ” (30) عاماً يشير  لسناك سوري أن بعض الأماكن العامة المغلقة تضع يافطة يكتب عليها ممنوع التدخين في حين يعجّ المكان بالمدخنين؛ إذ أنّ اليافطة شكلية وما من أحد يلتزم بالمرسوم.

شروط التدخين بالأماكن المغلقة - سوريا
شروط التدخين بالأماكن المغلقة – سوريا

كما طالب “لؤي” بإعادة فرض قيود على بيع الدخان للأطفال دون 18 عاماً لأن الباعة يقبلون البيع بحجة أن عائلاتهم أرسلتهم للشراء من المحل. والبائع يتغاضى عنهم بظل الظروف الاقتصادية التي نعيشها فالمهم لديه أن يبيع بضاعته.

“علاء ” (23) عاماً اعتبر في حديثه لـ  سناك سوري أن عقوبة السجن هي الأنسب بحق الباعة الذين يبيعون السجائر لمن هم دون 18 عاماً.

http://https://www.youtube.com/watch?v=pFUZV1Em7Pc

“محاسن” (30 عاماً) قالت لـ سناك سوري «يجب أن نحمي الأطفال ونفعل دور الرقابة من الأهل والقانون معاً ».

فيما يؤكد “كنان” (19) أنه يشاهد أشخاص يدخنون ضمن الصالات الرياضية التي يفترض بها أن تكون منشآت رياضية صحية صارمة تجاه التدخين.

الحد من تدخين الشباب واليافعين… يحتاج قوانين أشد وأكثر صرامة

يقول المحامي “عمار السيد أحمد” أن هناك حاجة لقانون أشد وأكثر صرامة للحد من سهولة تدخين الشباب واليافعين. ويبين أنّ: «التهاون في تطبيق القانون هو ما يجعله منسياً. لذلك على القوانين أن تكون شديدة وصارمة وتحظى بمتابعة ورقابة. لا أن تكون مجرد قوانين شفهية نتفاخر بإصدارها دون متابعة تنفيذها على أرض الواقع».

في الدول التي تشجع على الحد من التدخين مثل غالبية دول الاتحاد الأوروبي يتم تحديد سعر مرتفع لعلب السجائر وذلك لتقليل قدرة شرائها.. سناك سوري

ويؤكد المحامي الحاجة لفرض غرامات مالية أكبر من الحالية بالإضافة لإقرار عقوبة سجن لاتقل عن 6 أشهر بحق من يبيعون السجائر لمن هم دون سن 18.

الأسرة مهمة كالقانون في الحد من التدخين عند اليافعين الشباب

هناك عنصران آخران مؤثران إلى جانب القانون في ضبط انتشار التدخين وسط اليافعين والشباب. وهما الأسرة والمدرسة بحسب الأخصائية الاجتماعية “نورا شخيص”.

وتلفت “نورا” لضرورة أن تقوم المدرسة بجلسات توعية للأطفال والأهالي. وتبين في حديثها لـ سناك سوري: «أن التوعية هامة فهي تخفف من انجراف اليافعين للتدخين وتقلل نسب الأطفال المدخنين ولا تلغيها بشكل كامل».

أجاب 5 يافعين من أصل كل 10 التقيناهم أثناء الإعداد لهذا البحث بـ نعم على سؤالنا إذا كانوا شاهدوا مدرسين/ات لهم يدخنون داخل المدرسة.

وتقترح نورا إشغال الأطفال بنشاطات مثمرة وهادفة لملء أوقات فراغهم. دون تركهم بلا أنشطة أو وقت فراغ طويل أو حتى مشاهدة اليوتيوب لئلا تترتب آثار سلبية على سلوكيات الطفل.

زر الذهاب إلى الأعلى