ألم غسيل اليدين في شتاء سوريا أشد من ألمي خلال الولادة الطبيعية
نحن لا نحتفي بالشتاء بل نبكي على أطفالنا وأنفسنا كلما تدنت درجات الحرارة
لم أبكِ من ألم بعد تجاوزي عمر الطفولة إلا 3 مرات الأولى وأنا ألد طفلي الأول ولادة طبيعية. والثانية حينما خانني التخدير بينما يد طبيبة الأسنان تحاول إصلاح ما كسر الدهر من ضرس العقل. وآخرها البارحة وأنا أغسل لطفلي يديه ووجهه في شتاء سوريا.
سناك سوري_ناديا سوقية
ألم الغسيل الأخير كان الأقوى بينهم، بكيت قهراً لأن الصنبور يبعد عن التجمد درجة، ولا وسائل لتدفئته. بارد كما عقل الحكومة، مجمد ككل خطوات التقدير لأنفسنا لأننا نعيش فقط.
بكيت لأن لا ذنب لهذا الطفل إذا كان أبويه لم يركبا السفن نحو أوروبا ولا الطيران نحو الخليج، و بقيا في بلاد تتفاجأ بقدوم الفصول. تغرق بأول مطرة، وتتجمد بلفحة صقيع، وتعتم بعد غروب الشمس. ولا تعترف بأنواع الطاقة لا الحرارة تعنيها ولا الضوء يغنيها ولا هي شيء عدمي فيفنيها.
بكيت لأنني تعرفت بعمري الذي تخطى الربع قرن بعامين على التهاب العصب الوركي، والروماتيزم، وداء رينو، وكل أمراض البرد. فمفاصلي تتورم وتنتفخ وروحي تبكي على جسد هزيل تعرفت عليه على أنه شاب.
وطفلي الصغير يقول بارد وأرد عليه انفخ على كفيك ستشعر بالدفء بعد قليل ريثما تشتعل المدفأة. وستنظر للنافذة لتستقبل الشتاء، ومعذرة يا طفلي فشتاءنا ليس للتصوير ولا للغناء.
فهل يحتفي الشعراء بـ شتاء سوريا؟ لو أننا صور في مجلات الموضة لاستعرنا الدفء من “جاكيتات الجوخ” التي يعرضونها. لو أننا إعلان لمدافئ لكنا لمسنا الجمر واحتطنا بالحطب الذي يدفئنا مجرد سماع سعره. لكننا أناس تعيش في بقعة تحيط بها جبال ارتدت الثلج وقاطنيها عراة.