الرئيسيةشخصيات سورية

“كامل أشرفية”.. من أوائل الأطباء ورواد الحركة التعليمية في “سوريا”

ابن مفتي مدينة “حلب” عاين المرضى بالمجان ونشر “الكشفية” في مدارسها وأصبح وزيراً للإعلام

سناك سوري – عمرو مجدح

يقال إن للمدن ذاكرة لا تشبه ذاكرة البشر فهي لا تشيخ ولا تنسى وتظل تتذكر ملايين البشر الذين مروا على أسوارها تروي حكايات من عشقوا على أرضها ومن دفنوا في باطنها وتبكيهم، فكيف إذا كانت هذه المدينة “حلب” واحدة من أقدم المدن التي عرفها التاريخ إذا لم تكن الأقدم.

ومن أبناء مدينة الشهباء الذين أشرقوا مطلع القرن العشرين، كان الدكتور “كامل بك أشرفية” ابن مفتي “حلب” آنذاك “محمد أشرفية”، مازال الناس إلى يومنا يتذكرون عيادته في منطقة “بستان كل آب” التي خصص فيها يوماً أسبوعياً مجانياً لعلاج الفقراء.

كان “كامل أشرفية” ضمن الدفعة الأولى من طلاب المدرسة الطبية عام 1919 والتي تعرف اليوم بـ (كلية الطب – جامعة دمشق) والدفعة التي كانت تضم 48 طبيبا بدأوا دراستهم العلمية باللغة التركية وأنهوا السنة الأخيرة باللغة العربية.

التحق “أشرفية” بسلك التعليم وعين مديراً للمعارف بحلب مدة طويلة قبل انتقاله إلى “دمشق” مع الاستقلال، وتم تعيينه مفتشاً ثم أميناً عاما لوزارة المعارف.

كان من رواد الحركة التعليمية والتربوية في “سوريا”، ومن مؤسسي المنهج التعليمي الأول باللغة العربية للتعليم الإبتدائي ورفع من مستوى التعليم الجامعي فضلاً عن إلقائه محاضرات في الجامعة الأمريكية ببيروت وورد إسمه في العديد من المراجع منها كتاب يتناول “الحركة الكشفية في سوريا ” وعن تأسيسها في مدينة “حلب”.

تقول إحدى فقرات الكتاب: «عام ١٩٣٢ أخذت الكشفية في مدينة “حلب” بالإنتشار في معظم المدارس بفضل الدكتور “كامل بك أشرفية” أيام كان رئيساً للمعارف في الشهباء وله اليد الكبرى في بثها وتعميمها في المدارس الرسمية».

وذكره المحامي الدكتور “لطفي الحاج حسين” (البرلماني عن الجزيرة في أول مجلس نيابي سوري منتخب بعد الاستقلال) في كتابه “محطات في حياة السياسي والشاعر” قائلا: «بعد حصولي على البكالوريا وأهلية التعليم تقدمت بطلب إلى وزارة المعارف لتعيني معلما ولم يكن ذلك سهلا في تلك الظروف، إذ لابد من الصبر والانتظار لان هناك فقط شاغرا واحدا في محافظة دير الزور وعلى التحديد هناك شاغر في ناحية تل أبيض- الرقة على الحدود التركية السورية، وبفضل شخص له صلة متينة بالسيد كامل أشرفية أمين وزارة المعارف جرى تعيني في وظيفة معلم ابتدائي».

كما قال عنه الشيخ “مصطفى أحمد الزرقاء” فقيه سوري في كتاب (علماء ومفكرون عرفتهم): «عندما بلغت العشرين كنت أزاحم كبار الشيوخ من أقران والدي على حل المشكلات اللغوية، فيلجأون إلي كلما استشكلوا قاعدة أو معنى ليعلموا رأيي فيه وهذا مادعا مدير معارف حلب الدكتور كامل أشرفية بعد إحرازي التفوق في امتحان البكالوريا الأولى على طلاب سوريا، لأن يعرض علي أن أكون مدرسا للأدب العربي في أنطاكية التابعة لحلب آنذاك».

لم تخلُ كتب تاريخ حلب ومذكرات وسير ذاتية لشخصيات مثل الأديب “عبد السلام العجيلي” والسياسي “معروف الدواليبي” وغيرهم من ذكر اسمه.

وعن صداقته الوطيدة مع الرئيس السوري الأسبق “حسني الزعيم” الذي يعد قائد أول انقلاب عسكري في بلاد الشام والثاني عربيا بعد انقلاب “بكر صدقي” في العراق كتب المؤرخ السوري “شمس الدين العجلاني” ملمحا عن هذه الصداقة التي كانت سبب في زواج الزعيم فيقول نقلا عن لسان “نذير فنصة” صديق وعديل الرئيس الأسبق: «تزوج الزعيم من” نوران باقي” بعد أن التقى بها أثناء تواجده في حلب لزيارة صديق له وهو الدكتور كامل أشرفية والمقيم في الطبقة التي تعلو المنزل الذي تقيم فيه نوران مع والديها وأشقائها». والجدير بالذكر أن أشرفية أصبح وزيراً للإعلام في عهد حسني الزعيم.

يصف حفيد “كامل أشرفية” جده الدكتور الذي سمي تيمنا به قائلا: «كان ذواقا للفن ويعتبر من السميعة الحلبية التي تحكم على المطرب بالنجاح أو الفشل وكان بيته مفتوحا للجميع ويقيم صالونات أدبية تضم أدباء ومفكرين سوريا حيث أنه كان حريصا على اللغة العربية. كان أنيق المظهر يعتني بهندامه عناية فائقة ويتقن ثلاث لغات إلى جانب اللغة العربية وهي التركية والفرنسية والإنكليزية. تزوج من دمشق من عائلة الأصيل».

عام 1964 رحل الدكتور “كامل أشرفية” تاركا خلفه نقاطا مضيئة في تاريخ التعليم السوري وعلى الرغم من اسهاماته في مجال التعليم ودوره الرائد الذي يشهد عليه من عاصره وكذلك ما دونته الكتب إلا أنه لم يأخذ حقه في البحث وتسليط الضوء وفرد صفحات تبرز شخصيته وماقدمه بشكل خاص وهذا الحال مع العديد من الشخصيات المؤثرة في التاريخ السوري التي لم تأخذ حقها كما يجب متناسين أن على سواعدهم بنيت الأوطان.

اقرأ أيضاً:“هفرين خلف”.. الرحلة من “المالكية” إلى “سوريا المستقبل”

من اليمين “كامل أشرفية” ، “بشير فنصة” رئيس تحرير ألف باء والأنباء ، “حسني الزعيم” رئيس الجمهورية الأسبق ، “كلوفيس مقصود” مراسل التايمز ومندوب الجامعة العربية في الامم المتحدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى