إقرأ أيضاالرئيسيةحرية التعتير

الحب في الحرب السورية: “جينا قوجة” الحرب قتلت حبها

بغمضة عين وغصة عمر فقدت “جينا قوجة” زوجها ورفيق دربها الذي عاشت معه 25 سنة وعشرة أيام من القهر والحلم والأمل وعذاب الفراق. إنها الحرب اللعينة تفتك بحياتنا تترك لنا الكثير من الذكريات وبعد أن ترحل يفرح منتصر ويطأطأ رأسه مهزوم. بينما أقرباء ضحايا الحرب هم الخاسرون أبداً.

سناك سوري – هوفيك شيهيريان

الحرب التي سرقت من السيدة قوجة الحب وزوجها ومنزلها لم تستطع أن تسرق منها بشاشة الوجه التي تحتاجها لتدب الأمل في روح أولادها. تقول قوجة لـ “سناك سوري: في لحظة غفلة سقطت قذيفة (مدفع جهنم) فوق منزلنا بحلب (حي السليمانية) محولة بعض أجزاءه إلى ركام. هرعت مسرعةً لأطمئن على زوجي الذي وجدته بين الركام. كانت لحظة صعبة من حياتي. لم يسمح لها زوجي أن تمضي دون أن يذكرني بحبه لي. سألني من تحت الركام وهو مضرج بالدماء “هل سنكمل مشوار حبنا ياحبيبتي؟ ومن ثم غاب عن الوعي”.

آخر صورة جمعتهما قبل رحيله بثلاثة أيام

لم يفارق “موريس” الزوج المحب الحياة فوراً. كان مقدراً له أن يعيش موصولاً بأشرطة كثيرة في المشافي. كل شريط يمده بالقليل من الشفاء الذي لم يكن مقدراً له. تقول “قوجة”: صدمة الحادثة كانت أخف من صدمة رؤية “موريس” على فراش المشفى وهو يواجهه بسكون. لجأت إلى الصلاة لأقوى. نقلته لعدة مشافي كان متعباً جداً. كأن الأيام العشرة مرت كعشر سنوات في صراع مع الحقيقة ورفض الموت. كل القوة التي كنت قد حافظت عليها خلال غيبوبته التي استمرت عشرة أيام تبعثرت. لقد سحقت تماماً حين فارق الحياة.

لم يكن “موريس” قد عوَّد زوجته الحبيبة على تحمل أعباء الحياة كانت فقط ربة منزل محبة مدللة. لكن ربة المنزل لا تستيطع أن تبقى في منزلها جالسة تندب الرحيل. فالحياة برأيها ليست سهلة لكن لا سبيل للاستسلام.

اقرأ أيضاً: ثناء وصديقة ونجاح.. قصص أرامل وقفنّ في وجه الحياة والمجتمع

كانت الخطوة الأولى بالعمل في مركز لغسيل الثياب ضمن مدينتها “حلب”. تقول لـ سناك سوري: كانت البداية صعبة جداً. لكن زملائي في العمل الذين كانوا ينبضون حيوية منحوني الطاقة. واعتبرهم اليوم السبب الأول لتخطي مرحلة الكآبة.

إلى المواليد الجدد انتقل عمل “قوجة” حيث راحت تستمد طاقة الحياة من كل مولود تراه في مركز الخدمات الطبية الذي عملت فيه لفترة من الزمن ومازالت. وهكذا ازدات المرأة الفاقدة قوةً يوماً بعد يوم. وفي كل يوم كانت تحيي ذكرى زوجها على طريقتها.

مواجهة الواقع الجديد لم تكن فقط بتأمين حاجيات المنزل من أجار. اشتراك “الأمبير” والمصاريف الباقية التي حددتها الحرب على الجميع في حلب المنكوبة. فهي الآن تواجه المجتمع أيضاً. تقول إنه انقسم بين مُشفق عليها ومقدر لنهوضها من وسط رماد الحزن.

تقول “قوجة” وهي أم لولدين: أحترم جميع من قابلني. الحرب لم تكن تقدر الحب أو أي شيء. وأنا قررت ألاَّ أقدر ما سيفرضه المجتمع عليَّ. الأرملة لا تحتاج إلى الشفقة وبنهوضي بعد الحادثة أثبت هذا للجميع. لقد أصبحت المرأة الند للرجل وهو أمر ليس بسيء. فالقوة شيء جميل.

تدرك السيدة جينا أن المنزل الذي خسرته يمكنها إعماره. لكن زوجها الذي فقدته بقذيفة عمياء لا تعرف الحب أو الفرح لن يعود. لكنها تعي أيضاً أن الحرب تركت خلفها مئات القصص التي تشابه قصتها. وهي تصلي كل يوم لنهايتها عساها تحفظ كل حبيب لحبيبته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى