الرئيسيةرأي وتحليل

هل تفقد روسيا دور الضامن في سوريا؟ – أنس جودة

الخوف من تحول ملف سوريا من سياسي إلى أمني تنسيقي

السياق العام للحرب مهما كانت نتائجها العسكرية يؤشر لضعف الدور الروسي في سوريا سياسيا، والذي لم يقم بشكل أساسي على القوة العسكرية بل على التفاهم الدولي القائم على تفويض روسيا بمحاربة الإرهاب وضبط الانفلات المسلح، وذلك ضمن إطار سياسي عام عنوانه 2254 ، وكانت روسيا تحاول دائما ملء المساحة بين العسكري والسياسي بمبادرات وأفكار وتحالفات إقليمية، وكان الرد الأمريكي دائما بارداً ورافضاً لعقد الاتفاقات.

سناك سوري – أنس جودة

لكن هذا الإطار على كل علاته كان يضبط الواقع العام ضمن خطوط عريضة هدفها العام ضمان الاستقرار النسبي وعدم الانفجار.

المشكلة الحقيقية اليوم، بغض النظر عن النتائج العسكرية للحرب الأوكرانية، هي أن دور الضامن السياسي الدولي لم يعد موجوداً وسيبقى فارغا لوقت طويل لعدم وجود بديل، وبما أن الحياة والمصالح لاتقبل الفراغ ، فسيتم تعهيد أدوار ما للدول الإقليمية وعلى راسها تركيا وإيران (في حال توقيع الاتفاق النووي).

نقطة الخطر هي نزول مستوى الملف من ملف عنوانه سياسي يهدف شكلا للوصول إلى الحل الدائم، إلى ملف أمني تنسيقي ليس فيه أي إطار ولامضمون سياسي، مما يعني بالضرورة شرعنة طويلة المدى للواقع التقسيمي الحالي، وأحد المؤشرات لذلك هو حديث الولايات المتحدة عن رفع عقوبات قيصر عن كل الشمال السوري.

هذا الواقع يدفعنا للتفكير بالأولويات السورية المرحلية التي قد تكون:
١- تجنيب سوريا أي انزلاق نحو اعتبارها إحدى ساحات المواجهة العسكرية الحالية، فلا سوريا ولا السوريون قادرون على تحمل تبعات عمل عسكري بهذا المستوى، كما أنه من جهة أخرى لن يغير في موازين القوى أبدا.

٢- التأكيد على ضرورة وجود مسارات سورية بينية، مدنية واقتصادية، غايتها البعيدة صنع الجسور بين المناطق والتجمعات السورية حول العالم حتى لاتنقطع الخيوط بشكل نهائي، وتهدف إلى تحقيق المصالح المحلية ضمن الإطار الوطني القائم على مفهوم المصالحة الوطنية، ومد وجود الدولة وأدواتها التنفيذية، وعدم ترك الساحة للفاعلين في اقتصاد الحرب الذين يشكلون جسر التواصل الوحيد حاليا، وذلك بانتظار تغير معادلات القوى وقدوم لحظة تاريخية مناسبة لإعادة انطلاق المسار السياسي الكلي مرة أخرى.

الوضع السوري لايمكنه الاعتماد على انتظار المسارات السياسية الكبرى المرتبطة بمصالح الدول، ولا على طروحات تقنية بحتة اقتصادية وإدارية مفرغة من أي سمت سياسي وطني، أو محقونة بفيروسات قاتلة تخرب بنية المجتمع بشكل نهائي، بل علينا إدارة ملفاتنا ووضع رؤانا ضمن الممكنات حتى لانفقد وجودنا كشعب ودولة إلى الأبد.

اقرأ أيضاً الشبل: سوريا ستدعم روسيا للتغلب على العقوبات

زر الذهاب إلى الأعلى