التحرك العماني .. كلمة السر للحل ؟!
ريزان حدو يكتب عن زيارة وزير خارجية “عُمان” إلى سوريا
سناك سوري – ريزان حدو
لم يكن خبر استقبال الرئيس السوري “بشار الأسد” لوزير الشؤون الخارجية العمانية “يوسف بن علوي” مجرد خبر تتداوله نشرات الأخبار، بل تعداه ليصبح حدث اليوم في المنطقة و نقطة ارتكاز بنيت و تبنى عليها الكثير من الاستقراءات لمآل الأزمات التي تعصف بالمنطقة و على رأسها الأزمة السورية و الحرب في اليمن و الأوضاع العراقية.
و لربما التذكير بالتصريحات التي أطلقها الرئيس الايراني حسن روحاني غداة زيارته لمسقط في شباط فبراير 2017 تشكل إضافة و مدخلاً لفهم الاهتمام بالزيارات و التحركات التي تقوم بها الدبلوماسية العمانية:« إن المنطقة تعاني عدم الاستقرار لذلك فإن المحادثات ستركز على القضايا الإقليمية بما فيها التطورات فى العراق وسوريا واليمن ودور سلطنة عمان البارز فى حقن الدماء».
بالعودة لزيارة “بن علوي” إلى “دمشق” هذه الزيارة اللافتة والإشادة بالدور العماني أعطى المتابعين بارقة أمل بقرب انتهاء معاناة شعوب المنطقة ووجود رغبة لدى سائر الأفرقاء بالتسليم بحتمية الحوار.
فلماذا تنجح سلطنة عمان في منح الشعوب هذا الشعور في حين يفشل الآخرون؟!
“سلطنة عمان” تلك الدولة التي يضرب فيها المثل في التسامح المذهبي، والتعايش بين كافة الطوائف، ويرجع المراقبون ذلك إلى أن سلطنة عمان لم و لن تكون طرفاً في أي احتقان طائفي ، ويشهد للسلطة العمانية انصافها بين جميع المواطنين ، فمثلاً ولاية الخابورة تجمع بين المذاهب : الأباضي ( المذهب الحاكم و الأكثر انتشاراً )، والسنة والشيعة، لا حقد ولا شحناء بينهم ، وهذا يعمم على كافة مدن السلطنة .
لذلك تعتبر “عُمان” خارج الصراع الطائفي، وهذا ما أهلّها لانتهاج الدبلوماسية الناعمة في المنطقة وإقامتها لتوازن دبلوماسي فريد بين علاقتها القوية مع إيران ومع محيطها الخليجي في الوقت ذاته.
تتميز السياسة الخارجية في سلطنة عمان بالحيادية على المستوى الدولي، مما وفر لها المناخ الملائم للبناء والتطوير على المستوى الداخلي وقد نجحت بذلك بالفعل، فقد ابتعدت السلطنة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد عن المهاترات السياسية والصراعات والتكتلات مما أهلها لتلعب دور صلة الوصل بين المتخاصمين، ورجل الإطفاء بين المتحاربين وحققت الكثير من النجاحات في عدة ملفات إقليمية ودولية ومنها على سبيل المثال:
نجاحها في إطلاق البحارة البريطانيين الذين ألقت القبض عليهم طهران عام 2007، الإفراج عن ثلاثة أمريكيين اعتقلوا في طهران بتهمة التجسس لصالح واشنطن عام 2011، نجاحها في ضبط الأوضاع، وتخفيف الاحتقان الذي وصل إلى حد الاقتتال الطائفي في مدينة غرداية الجزائرية بين الأمازيغ (مذهبهم الإباضي)، وبين العرب (مذهبهم المالكي)، السلطان قابوس يعتبر أحد عرابي الاتفاق النووي الإيراني الأميركي، حيث استضافت مسقط عدة اجتماعات سرية بداية ، ومن ثم علنية بين الدبلوماسيين الأميركان والإيرانيين.
إضافة لحياد السلطنة عن الصراع الجاري على أرض اليمن، وذلك بحفاظها بشكل ملفت ومحير على علاقات مميزة مع سائر الأطراف المتحاربة، فمن جهة فالرئيس اليمني (المستقيل) عبد ربه منصور هادي يدين لعُمان في إخراجه من الحصار الذي فرض عليه في صنعاء ونقله عبر مسقط إلى العاصمة السعودية الرياض، ومن جهة أخرى تعتبر عمان الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تغلق سفارتها في صنعاء بعد سيطرة حركة أنصار الله عليها بل وأكثر من ذلك عُمان تستقبل مئات الجرحى الحوثيين الذين يتلقون العلاج، وهذا ما أهلها لتكون صلة الوصل بين كافة الأطراف المتحاربة، وتجلّى ذلك على سبيل المثال لا الحصر ، في نجاحها في تسليم جثمان الطيار المغربي ياسين بحتي الذي أسقطت طائرته في وادي النشور في صعدة معقل أنصار الله و ذلك أيار مايو 2015 للحكومة المغربية
ومما سبق يمكن القول أن التحرك العماني كلمة السر المستخدمة للولوج في الحل، التحرك العماني المعلن وما سبقه من حراك دبلوماسي على عدة أصعدة يعني أن برمجة الحل للأزمة السورية واليمنية وانعكاساتها الايجابية على الساحة العراقية قد تم وضعه دولياً وحان وقت إدخال كلمة السر للولوج إلى برنامج الحل، ومن هنا أتى تفاؤل السوريين واليمنيين والعراقيين بزيارة بن علوي الى دمشق و ما تحمله من إشارات دفعتهم للتفاؤل ببوادر حل لأزمتهم يلوح ربما في الأفق.
اقرأ أيضاً وزير خليجي يظهر فجأة في “دمشق” مع الرئيس “الأسد” !