خيارات السوريين تضيق أكثر.. الابنة بقيت لتقديم الامتحان والعائلة فرت هرباً من القذائف
ماذا تفعل لو وضعت في موقف تختار فيه بين مستقبل أطفالك وحياتهم؟!
سناك سوري-رحاب تامر
«لا تفوتي غالية كتير، شورت صغير لابني بدو فيه 500 ليرة»، قالتها لي بينما كنت أنظر إلى واجهة إحدى البالات في “اللاذقية” أمس السبت.
استغربت من كونها تجد الـ500 مبلغاً كبيراً في الوقت الذي يعتبر فيه زهيداً جداً في هذه المدينة وشبه “البلاش”، دفعني الفضول لفتح حديث معها لأعلم أين تجد أرخص من هذا السعر!.
اسمها “عفاف” قدمت إلى “اللاذقية” يوم الأربعاء الماضي هرباً بطفليها الصغيران من القذائف التي تنهمر كالمطر في مدينتها “السقيلبية” بريف “حماة” على حد تعبيرها.
تبكي “عفاف” بحرقة وسط الشارع، اعتقدت أنه نوع من الحنين أو الخوف، وأنا لست بارعة جداً في المواساة، سرعان ما اقتحمت كلماتها مشهد البكاء لتخبرني أنها قدمت لتوها من الكراج حيث ودعت ابنتها الكبرى، التي سافرت مجدداً إلى “السقيلبية” لتقديم امتحانات الثانوية، تضيف: «ما كانوا يأجلوا الامتحان أو ينقلوا الطلاب لمحل أمين».
لا تعلم “عفاف” كيف ستمضي أيام الامتحان وابنتها تعيش تحت القذائف التي ترسلها “جبهة النصرة” يومياً، شأنها شأن الجيران والأصدقاء وكامل أهالي المنطقة، لكنها بدت أمام خيارات صعبة جداً، تقول لـ”سناك سوري”: «عندي طفلين صغار، ماقدرت عيش إحساس جارتي وقت شافت بنتها الصغيرة نتف (أشلاء)، ماقدرت، وبنفس الوقت بعتت بنتي عالموت هيك حاسة ماعرفت شو أعمل فطلعت».
بالقرب من “عفاف” المتكئة على مدخل إحدى البنايات بحي المشروع السابع داخل “اللاذقية”، كان ابنها ذو الملابس الصفراء ينظر حوله ياستغراب كبير متأملاً تفاصيل المدينة الجديدة التي يحل فيها بضيافة أحد أقارب العائلة، هو لا يعلم كم ستطول زيارته هذه بعيداً عن أصدقائه وجيرانه وشقيقته، بخلاف والدته التي تدعو الله إيجاد حل سريع ينهي المشاكل والقذائف ويعيد إليها ابنتها ومنزلها، وحتى محال البالة الرخيصة جداً في مدينتها مقارنة مع المحال هنا في “اللاذقية”.
اقرأ أيضاً: “حماة”.. ضحايا بقذائف صاروخية تستهدف قسم الأطفال في مشفى “مصياف”!