بعد أن خطبها له والده قبل 25 عاماً عبر طريقة “قطش الردن” جاء اليوم الذي سيزف فيه “ممدوح” عريساً لعروسته في ليلة خريفية من ليالي جنوب سوريا الذي يشهد حرباً عمرها سبع سنوات.
سناك سوري – شاهر جوهر
اليوم زفة ممدوح جاء الرفاق إليه في الثانية ظهراً. كما هو معتاد. حيث تكون وليمة “المليحي” جاهزة (أكلة شعبية) يجتمع العريس والأصدقاء على المائدة وعند الانتهاء تبدأ الرحلة.
رفع الأصدقاء “ممدوح” على الأكتاف وبدأوا السير فيه. لكن وجهته ليست عروسه. إنه ذاهب إلى منزل أحد أصدقائه وهو صديق أعزب “شرط من شروط الزفة أن يكون الصديق المقصود عازباً يبحث عن زوجة على اعتبار أن دخول العريس إلى بيته سيكون فأل خير عليه” (شي بيشبه لما العروس بترمي باقة الورد وبيلتقطوها البنات).
في منزل صديقه استحم “ممدوح” وقام الرفاق بتطييبه بالعطور والبخور ومن ثم حصل ما يخشاه كل عريس. تجمع الرفاق حول “ممدوح” وأخذوه إلى غرفة حبسوه فيها وانهالوا عليه بالضرب الموجع وهذا يسمى “الوداع الأخير للعزوبية” وهي عادة تعني أنه أصبح رجلاً ولم يعد ذلك الصبي الذي سيضربه والده. بل هو العريس الذي يضرب يوم عرسه من اصدقائه (أحد العرسان وأثناء الضرب أصيب في منطقة حساسة وأغمي عليه. ما أدى لتأخر عرسه شهراً كاملاً).
بعد القتلة في صلحة. حيث تناوب الرفاق على تقبيله (من خده) وبالتناوب دسوا له المال في جيبه وهذا يسمى “النقوط”. وهو نوع من المساعدة المادية للعريس للتخفيف عليه من أتعاب ومصاريف العرس.
اقرأ أيضا:الحرب أسقطت “شاربي جدي”!
كان “ممدوح” قد أصبح جاهزا ًللذهاب إلى حبيبته فقد أكل “المليحي” وحمل على الأكف وهو العريس الذي يضرب يوم عرسه فيصبح رجلاً. كما تعطر وتطيب وتقبّل وامتلأت جيوبه.
من جديد حمل على الأكف وزفّ هذه المرة إلى عروسه التي كانت تنتظره مع جمع من النسوة أمام غرفته. وهناك علا لحن الزغاريد على وقع وصوله وترافق مع صوت الرصاص.
اقترب “ممدوح” من عروسه وقبل رأسها ومن ثم عبرا إلى غرفة الدخلة من فوق “صحون وكؤوس”حطمتها والدته كنوع من طرد الحسد.
أغلق “ممدوح” باب غرفته على نفسه وزوجته واجتمعت النسوة أمام الباب ينتظرن خروج العريس. الذي لم يتأخر كثيراً فأطل من باب الغرفة مومِئاً برأسه بأنه أكمل مهمته بنجاح فانطلقت الزغاريد من حنجرة أمه وحناجر نساء الحي. وهنا انتهت طقوس الزفاف التقليدية في “جنوب سوريا” والتي مازالت قائمة حتى يومنا هذا لدى الكثير من العوائل.
وهيك بكون تم الزفاف التقليدي انشاء الله عقبال العزابية.