“التعليم المتمازج” تجربة تعليمية جديدة تنتظر التعميم
ما بين التفاؤل والنقد تجربة التعليم المتمازج تنطلق في “السويداء”
سناك سوري-رهان حبيب
تؤكد “ليال شرف” من طلاب الصف الثاني ثانوي علمي أهمية تجربتها مع التعليم المتمازج التي عززت رغبتها بالتعلم واصفة التجربة بالسهلة والسريعة مقارنة بالطريقة التقليدية في التدريس.
“شرف” توضح خلال حديثها مع “سناك سوري” أن التعلم بهذه الطريقة طور مهارة الاستماع لديها والتفاعل مع الشاشة المتطورة، والعمل ضمن المجموعة للبحث عن حلّ لما يتطلب الإجابة عليه من أسئلة، واختبارات تفرض عملاً مشتركاً بين الطلاب والحصول على المعلومة بعدة طرق.
التجربة التي هيأت لها وزارة التربية كامل التجهيزات تستمر للعام الثاني بعد أن بدأت شعبة واحدة للصف العاشر العام الفائت واتسعت لتشمل شعبة للعاشر والحادي عشر وشعبة للصف السابع في مدرسة “ممدوح نصار” ومدرسة “أحمد قاسم جمعة” بحيث لا يزيد عدد كل شعبة على 25 طالب وطالبة وتم ترشيح الطلاب بناء على اختبارات وموافقة الأهل.
اقرأ أيضاً: سوريا: مدارس حكومية تستخدم المسرح والغناء في تحفيز الطلاب على تعلم لغة أجنبية
يقدم التعليم المتمازج للطالب فرصة التعلم في القاعة الدراسية أمام الشاشة المتفاعلة ويمكن له أن يتلقى دروسه عبر الجوال أو اللوح الرقمي الذي يتواجد بكثرة بين الطلاب حسب حديث المعلمة “سراب شنان” التي تدرس اللغة الانجليزية لشعبة التعليم المتمازج للعام الثاني على التوالي في “السويداء”، معتبرة أن قرار وزارة التربية بإطلاق هذا الأسلوب من التعليم منذ عامين خطوة على المسار السليم للخروج من التلقين ودمج التقانة بالتعليم.
“شنان” توضح أن انطلاق التعليم المتمازج في “السويداء” كان العام الماضي وشمل إضافة لللغتين الانكليزية والفرنسية الفيزياء واللغة العربية والرياضيات وغيرها من المواد مع المحافظة على تخصص كل منهج، حيث يتم تحضير المادة العلمية بطريقة تتطلب معرفة تقنية تمكن المدرس من الإعداد للدرس المقرر في المناهج العامة ثم يتم تحميله على برنامج تفاعلي اسمه “المودل”، مشيرة إلى أنها تعلق آمالاً كبيرة على هذا النوع من التعلم النشط لتطوير التعليم لكنه يحتاج لتوفر المعلم المؤهل للتعامل مع وسائل التقانة الحديثة.
اقرأ أيضاً: الوصول إلى مدارس “المتفوقين” الحلم الذي يدفع للمزيد من التميز الدراسي
ما هي مهمة المعلم في التعليم المتمازج؟
مهمة خاصة على المعلم القيام بها في هذا النوع من التعليم بحسب “شنان” مضيفة أن «مهمة المعلم تدريب الطلاب على التفاعل مع الأفكار التي تعرضها الشاشة، وفق برامج مؤتمتة تقتضي تقديم الأفكار على عدة مراحل وفقرات قصيرة باستثمار الإمكانيات البصرية والتعبيرية، حيث ننطلق من فيلم قصير معد بشكل ممنهج يعتمد التركيز وتكثيف المفردات، وعرض الفكرة بسياق بصري ومعرفي يشارك به الطالب مع عدم قابلية الانتقال من مرحلة لأخرى دون التفاعل الإيجابي والسليم، فدور المعلم إشراف ومتابعة لعملية تفاعل الطلاب مع الشاشة، حيث لا يمكن إكمال الفكرة دون إجابات سليمة في كل مرحلة، وهو مايفرض تركيزاً أكبر من الطالب والمعلم على حد سواء».
تفرض طريقة التعليم المتمازج حواراً الكترونياً ومتابعة وتقييماً الكترونياً أيضاً، وهو مايوضحه موجه مادة الفيزياء والكيمياء “أكرم الجباعي”، مشيراً إلى أن التجربة لا تنحصر فقط بشاشة وفيلم فالعملية برنامج متكامل، تبدأ من إعداد المادة العلمية ومتابعتها الكترونياً وهو ما أظهر فائدة كبيرة للتجربة خلال المرحلة الأولى على الأقل.
طريقة التفاعل والتعلم تتم من خلال دخول الطلاب عبر أجهزتهم الالكترونية ويعالجون المطلوب والمدرس يشرف عبر شاشته وتتم المناقشة فيما بينهم عبر الأجهزة بما يشبه طريقة التعليم المفتوح، بالتالي للمدرس تحميل ما يريد من نصوص، و أفلام و رسومات، وهذه خطوة متطورة، وتتبع للعملية برنامج خاص للتقييم يطرح المدرس الأسئلة، ويأخذ درجات الطلبة إلكترونياً، ويمكن بين فترة وأخرى أن يلتقي طلابه.
تعميم التجربة تحتاج إمكانات مادية كبيرة وحصرها يترك أثراً نفسياً لدى الطالب!
فكرة انتقاء عدد من الطلاب أو حصر التجربة بعدد من الطلاب ينتقدها “المنذر الشوفي” مدّرس جغرافيا، ويصفها بأنها حالة تمييز لم يجد منها فائدة فما الغاية من تجربة تحصر بعدد قليل من الطلاب، في الوقت الذي انتشرت به الشاشات التفاعلية في عدد من المدارس، وكان الأجدر تعميم التعامل معها على تطبيق تجربة لشعبة أو شعبتين للمتمازج بسبب عدم توافر الإمكانيات اللازمة، مؤكداً أنه كمدّرس لم يتقبل فكرة الانتقاء لعدد من الطلاب وهو يعرف جيداً أثرها النفسي على الطلاب الآخرين مشيراً إلى أن المدرسين اختبروا الشاشة التفاعلية جميعهم فلماذا لم تتابع وزارة التربية تعميمها وتفعيلها مع العلم بتوافر الشاشات التفاعلية في عدد كبير من المدارس قبل الدخول في تجربة المتمازج؟».
بدوره الموجه التربوي “مدين أبو درغم” يؤكد أن “المتمازج” تجربة تحتاج لإمكانيات مادية كبيرة، وعملية التعليم مكلفة وليس بالإمكان تعميمها، متسائلاً ما المانع من اختبار التجربة التي طبقت بداية في مدارس مدينة “حلب” ومن بعدها “السويداء” على شكل شعب، في حين يتفاءل مدّرس اللغة الفرنسية “عماد النداف” بالتجربة منطلقاً من تجربته الخاصة مؤكداً ضرورة اتخاذ خطوات جديدة للخروج من حالة التلقين، لكن الأهم البحث عن الآلية المناسبة فالمتمازج خطوة واسعة جعلت الطلاب محور التفاعل ومركز دائرة العمل، والخيار ليس غريباً في هذه المرحلة كون طلابنا بشكل أو بآخر باتوا أقرب وأكثر تماساً مع التقنيات ولديهم فرصة أكبر للنجاح فيه.
وتنتظر تجربة التعليم المتمازج التي أنجزت وزارة التربية شاشاتها التفاعلية بمبالغ مالية كبيرة عملية تفعيلها ودراسة إمكانية تطويرها وإدخالها للريف.
اقرأ أيضاً: سوريا: ثانوية ريفية تحقق تحقق نسبة نجاح 100% بينمت تغرق مدارس الريف بالأزمات