بين خطابات الحكومة وواقع المواطن .. الحياة تصبح أفوكادو بلدي
مواطن يقتدي بالحكومة ويتّبع الصبر الاستراتيجي لمواجهة الأزمات
يسمع المواطن خطاب مسؤولي الحكومة عن التنمية والإصلاح وتحقيق العدالة والالتزام بالشفافية فيدخل بحلم جميل يتمنى ألّا يستيقظ منه إلا أنه سرعان ما يصطدم بكابوس الواقع.
سناك سوري _ مواطن صالح
يتابع المواطن الإعلام الرسمي فيسمع ما لذّ وطاب من وعود بأبراج تجارية ومشاريع استثمارية ومذكرات تفاهم مليونية واهتمام عالمي بالبلاد التي تتميز بموقعها الاستراتيجي، يتابع جرائد الحكومة فيقرأ فيها عن احترام السيادة وعدم التنازل عن الأرض، وحصر السلاح بيد الدولة، وإجراءات مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين وتشكيل لجان تحقيق في الانتهاكات.
لكنه ما إن يفتح عينيه صباحاً، حتى يواجه تقنين الكهرباء، ضعف الانترنت، قلة المياه، يخرج من بيته فيشاهد أزمة النظافة وتكدّس القمامة في الحاويات، فوضى السير في الشوارع، غلاء الأسعار في الأسواق، انتشار السلاح.
لا شيء يشبه هذه الحالة من التناقض والتنافر بين الخطابات والواقع سوى عبارة “أفوكادو بلدي”، التي استخدمها باعة الفواكه في الإشارة إلى “الأفوكادو” الذي تمت زراعته في بعض المناطق الساحلية.
رحلة التبرير من مجسّمات قطر ومظاهرات المطر إلى الإنكار بالذكاء الاصطناعي
رغم أن الأفوكادو البلدي حقيقي وموجود، وليس كذبة تسويقية، إلا أن استخدام المصطلح يظهر نوعاً من التعاكس بين الكلمتين، كأن نقول مكدوس سويسري، أو فتّة باريسية، أو حلاوة الجبن برلينية، الخيال الذي تتحدث عنه الحكومة وأنصارها أفوكادو فعلاً لكن واقعنا بلدي، بلدي بحلوّه ومرّه، بلدي ومليء بالتعب والضغط والفقر والأحلام المهزومة واستراق لحظات الفرح، بلدي حدّ المرارة.
صبر استراتيجي
يفتح المواطن شاشة التلفاز -غير الرسمي- فيسمع عن اختراقات العدو للحدود ودخول مسؤوليه في جولات لداخل أراضي البلاد فيشعر بالغمِّ والقهر، قبل أن يتذكّر تصريح مسؤول دبلوماسي أكّد أن الالتزام بالصبر الاستراتيجي يقلق العدو ويزيد من الضغوط عليه والتحديات أمامه، وأن البلاد مستمرة بصبرها الاستراتيجي.
وبما أن الصبر أصبح استراتيجية وطنية وتتبعها الحكومة في مواجهة العدو، فقد بات لزاماً على المواطن اتّباع هذه الخطة الحكومية العبقرية في حياته اليومية، فيردّ على رفع أسعار الانترنت عبر الموبايل، وعلى الفصل التعسفي من الوظائف، وعلى انخفاض قيمة الليرة، وعلى خطف النساء وانعدام الأمان، وعلى كل ما يواجهه من أزمات بالصبر الاستراتيجي.
لكنه بعكس صبر الحكومة، لن يقلقَ أحد ولن يزيد من الضغوط على أحد بصبره، سيصمت ويصبر طويلاً في البلاد ويحلم أن يتحول واقعها يوماً ما إلى أفوكادو.








