الرئيسيةتقارير

الكهرباء والرواتب وسويفت.. من قرارات مثيرة للتفاؤل إلى نتائج محدودة

هل تراجَع حماس البدايات أمام تعقيدات الواقع؟ الرواتب والكهرباء و"سويفت" تحت المجهر الشعبي

منذ سقوط النظام السابق، رافق السوريين شعورٌ بالتفاؤل مع سلسلة إعلانات حكومية، من زيادة الرواتب بنسبة 400%، إلى وعود برفع ساعات الكهرباء، ووصولاً إلى الحديث عن عودة التحويلات عبر سويفت، الحماس كان حاضراً عند إطلاق هذه الوعود، لكن مسار التنفيذ على الأرض كشف أن الانتقال من التخطيط إلى الواقع قد يكون أطول وأعقد مما بدا في البداية.

سناك سوري-رحاب تامر

افتتحت حكومة “محمد البشير” عملها بإصدار قرار زيادة الرواتب 400% على أن يبدأ مع بداية عام 2025، وانتظر موظفو القطاع العام الزيادة بأمل مختلف هذه المرة، فالنظام سقط ولا خيار آخر سوى اختبار وعود جديدة، فماذا حدث؟

لاحقاً، أعلن وزير المالية في حكومة تسيير الأعمال، “محمد أبازيد”، تأجيل الزيادة على الرواتب إلى شهر شباط، وقال “أبو زيد” حينها في تصريحات نقلتها سانا الرسمية، إن الحكومة فوجئت بأن أعداد العاملين المسجلين في الجهات العامة لدى مديريات التنمية الإدارية أكبر بكثير من الأعداد الفعلية على أرض الواقع، الذين يداومون ويعملون.

لم تصل الزيادة المرتقبة في شهر شباط، ووسط صمت رسمي خرج مصدر ليوضح أنه تم تأجيل الزيادة لتكون مهمة الحكومة الانتقالية، التي تشكلت نهاية آذار الفائت، وطال الانتظار حتى صدر مرسوم الزيادة بنسبة 200% شهر حزيران، على أن يطبق منذ تموز، لكن الموظفين لم يقبضوها حتى آب، ورغم التساؤلات عن أسباب التأخير، لا إجابات أبداً.

هكذا، تحول الإعلان المتحمس عن زيادة 400% إلى نصفها فقط، مع وعود من وزير المالية الحالي محمد يسر برنية بزيادات لاحقة.

الكهرباء.. مواعيد مؤجلة

ومن وعود زيادة الراتب إلى وعود زيادة عدد ساعات التغذية الكهربائية التي لا تقل أهمية، ومرّة أخرى تلقف السوريون وعد وزير الكهرباء في حكومة تسيير الأعمال السابق، “عمر شقروق“، بإيجابية بالغة، فالظروف الدولية تغيّرت وهناك دعم كبير لحكومة ما بعد النظام السابق.

ففي شهر كانون الثاني السابق، قال “شقروق”، إنهم يحتاجون إلى نحو شهرين لتوفير الكهرباء لمدة تتراوح بين 6 و8 ساعات يومياً، وأضاف “شقروق” في تصريحات نقلتها CNBC عربية حينها، أنه لتوفير الكهرباء طيلة اليوم تحتاج سوريا إلى نحو 6500 ميغاوات، وقال: «على سوريا العودة لمستويات توليد الكهرباء ما قبل العام 2010 خلال ثلاثة سنوات من الآن».

وفقاً للتصريحات، كان من المفترض أن تزداد ساعات التغذية الكهربائية منذ منتصف آذار، لكن الوضع استمر على حاله، مع سيل وعود جديدة بقرب ضخ الكهرباء من سفن في البحر، إلى تفعيل خط الغاز العربي ونقل الكهرباء من الأردن، مروراً بتصريحات لنقل الكهرباء من تركيا.

استمر الحال على ما هو عليه حتى بداية تموز الجاري، حيث أُعلن عن خط لنقل الغاز من أذربيجان إلى سوريا، وقال المدير العام لنقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، إن الكهرباء ستأتي بمعدل 10 ساعات يومياً اعتباراً من يوم السبت 2 آب، لاحقاً لم تأت، بل أتى تصريح جديد من “أبو دي” قال فيه إنهم يحتاجون 6 أيام أخرى من الضخ التجريبي.

ومع ذلك لا جديد، مايزال التقنين عند حدود نصف ساعة إلى ساعة كاملة كل 5 ساعات قطع.

سويفت: طريق الحوالات مايزال مغلقاً

كما هو الحال مع الرواتب والكهرباء، وجد السوريون في الحديث عن إعادة ربط البنوك السورية بنظام “سويفت” أملاً جديداً، فالخطوة، إن تحققت، يفترض أن تخفف تعقيدات إرسال الأموال، سواء للعاملين عن بُعد مع شركات عربية وأجنبية، أو للأسر التي تعتمد على تحويلات أبنائها المغتربين.

ففي منتصف حزيران الفائت، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، “عبد القادر حصرية”، أن سوريا أجرت أول عملية تحويل مصرفي دولي مباشر عبر نظام سويفت للمدفوعات الدولية منذ عام 2011،وأضاف في تصريحات نقلتها رويترز حينها أن أول معاملة تجارية كانت من بنك سوري إلى بنك إيطالي، وقال: “الباب مفتوح أمام المزيد”.

للأسف لم يلمس السوريون هذا “الجديد”، ورغم انتظار “ديمة” 34 عاماً مديرة تحرير في مدونة اقتصادية عربية، إتمام التحويلات بفارغ الصبر، إلا أنها لم تحدث، تقول الشابة لـ”سناك سوري”: «المدونة التي أعمل بها سعودية، وفي كل شهر يرسلون الراتب إلى حساب بنكي لقريبتي في الإمارات، والتي بدورها ترسلها لي عبر شركات الحوالات، وهذا يعني خسارة ما بين 10 إلى 15% من راتبي شهرياً أجور تحويلات».

تجربة الأشهر الأخيرة أظهرت أن المسافة بين الإعلان عن القرارات وتحقيق أثرها الفعلي ما زالت قائمة، سواء في الرواتب أو الكهرباء أو التحويلات المالية، ومع استمرار التحديات الفنية والإدارية، يبقى السؤال كيف يمكن تحويل هذا الزخم في إطلاق الوعود إلى خطوات عملية يشعر بها المواطن في حياته اليومية؟

زر الذهاب إلى الأعلى