لم تعد طريقة صنع المكدوس السوري وأيّ الطرق هي الأفضل، تشغل أحاديث السوريين خلال موسم المؤونة. وباتت الأحاديث المتداولة فيما بينهم عن كلفة صناعته التي تضاعفت عن العام الفائت. وارتفعت كذلك بعد مساء يوم الثلاثاء عقب رفع سعر المحروقات.
سناك سوري – مراسلون
امتنعت السيدتان “ناديا” و”رائدة” عن تحضير المكدوس لهذا العام لأن كلفة المكدوس السوري لتحضير 10 كيلو منه حسب السيدة الخمسينية ناديا ما يقارب 105 آلاف ليرة سورية.
تفند السيدة ناديا لسناك سوري بالورقة والقلم أسعار مكونات المكدوس في مدينة حمص. فثمن كيلو الباذنجان 2500 ليرة أي 10 كغ 25 ألف ليرة، وكيلو الفليفلة 3000 ونحتاج إلى 7 كيلو بسعر 21 ألف ليرة. إضافة إلى ثلث كيلو جوز بسعر 35 ألف ليرة، وليتر زيت نباتي بسعر 20 ألف. إضافة إلى أوقية ثوم بسعر 4000 ليرة. أي تصل كلفة تحضير 10 كيلو باذنجان إلى 105 آلاف ليرة سورية.
تضيف: «تحضير المكدوس يحتاج لوضع خطط وحسابات مالية. للأسف لن أستطيع إعداد حتى كيلو واحد منه هذا العام». بينما تقول جارتها “رائدة” التي أجرّت حسبة مشابهة: «الغلاء حرمنا من غالبية أصناف المؤونة وليس المكدوس فقط. والذي كان بمتناول يد العائلات الفقيرة وحُرمنا منها اليوم».
حسبة “ناديا” كانت قبل ارتفاع سعر المحروقات يوم الثلاثاء الفائت. والتي أدت لارتفاع كبير بأسعار العديد من السلع بما فيها مستلزمات المكدوس. التي باتت 30 ألف لليتر الزيت النباتي، و140 ألف لكيلو الجوز الذي كان 100 ألف، و4000 للفليفلة، و6000 لأوقية الثوم، بينما حافظ الباذنجان على سعره. لتصبح الكلفة الجديدة لعشر كيلو من الباذنجان 135 ألف ليرة سورية.
كلفة صنع 10 كيلو من المكدوس السوري في حمص قبل ارتفاع المحروقات كان 105 آلاف وبعدها 135 ألف ليرة
المكدوس حسرة في الدير
اعتاد الديريون على تهادي المونة فيما بينهم، وتتفاخر الديريات بتلك الهدية فالتنافس على صاحبة لقب «معدلة» (وتعني السيدة التي تعد المونة على أصولها) ليس بالأمر السهل بينهن. لكن الأوضاع الاقتصادية الراهنة تمنع كثير من أهالي الدير من تبادل المونة فتحضيرها بات مرهقاً ومكلفاً على جيوبهم.
تفند السيدة “كفى” أسعار مكونات المكدوس فكيلو الجوز حوالي 120 ألف ليرة سورية . وبيدون زيت الزيتون يكلف حوالي مليون ومئتان ليرة سورية أما الزيت الأبيض فالليتر الواحد بسعر 17 ألف ليرة سورية والفليفلة الحمراء بحدود 3000 ليرة أما الباذنجان فيبدأ من سعر 3000 ليرة حسب نوعه وجودته. دون حساب تكلفة الغاز اللازمة لسلق الباذنجان .
تقول السيدة لسناك سوري «حسرة المكدوس علينا هل سنة».
بناءً على الأسعار السابقة، فإن صنع 10 كيلو من المكدوس السوري في دير الزور، يكلف 30 ألف للباذنجان، 21 ألف للفليفلة، 17 ألف للزيت، وثلث كيلو جوز بـ40 ألف، وأوقية ثوم 4000 ليرة، أي كلفة إعداد الـ10 كيلو تصل إلى 112 ألف ليرة.
وبعد ارتفاع سعر المحروقات، ترتفع الكلفة إلى 115 ألف ليرة، إذ أن غالبية المكونات حافظت على سعرها باستثناء الزيت النباتي الذي ارتفع إلى 20 ألف ليرة.
كلفة صنع 10 كيلو من المكدوس السوري في دير الزور، 112 ألف ليرة قبل ارتفاع سعر المحروقات و115 ألف ليرة بعد ارتفاع سعرها.
ريف دمشق معركة مع المكدوس!
أجلت سميرة( ٣٧) عاماً، معركتها مع المكدوس حتى انتهائها من همّ المدارس، وأملاً منها بانخفاض سعر الباذنجان والفليفلة وغيرها من المكونات. إلا أن أملها خاب للأسف، إذ ارتفعت الأسعار عقب رفع سعر المحروقات.
ويتراوح سعر كيلو الباذنجان في مدينة القطيفة بريف دمشق، بين 2500 إلى 3000 ليرة. والفليفلة 3000، وبيدون زيت الزيتون 800 ألف، أما الجوز بين 85 إلى 120 ألف، وكيلو الثوم أكثر من 18 ألف ليرة.
تشير” سميرة” أنها ستستخدم الزيت النباتي عوضاً عن زيت الزيتون. وتنتظر حصولها على كرتونة المساعدات التي تضم زيت نباتي حتى لا تشتريه. وتضيف أنها تنوي هذا العام إعداد 10 كيلو فقط عوضاً عن 30 كيلو التي مونتها العام الفائت لعائلتها المؤلفة من 5 أشخاص.
أما سناء (50 )عاماً فوقف الغلاء في وجه تموينها للمكدوس بالكمية المعتادة فقررت شراء نصف الكمية بعد أن كانت تمون 150 كيلو. لغلاء جميع المكونات لكنها لن تستبدل الجوز بفستق عبيد فقط بل ستلغي الزيت البلدي مستبدلة ذلك بزيت أبيض رغم غلائه ووصوله إلى أعتاب 24 ألف ليرة.
وتبلغ كلفة صنع 10 كيلو من المكدوس السوري في ريف دمشق، 30 ألف ليرة للباذنجان، و21 ألف ليرة للفليفلة. وثلث كيلو جوز 30 ألف، وليتر زيت نباتي 24 ألف ليرة وأوقية ثوم 4000 ليرة. أي 109 آلاف ليرة تقريباً.
لكن الكلفة ارتفعت بعد ارتفاع سعر الزيت النباتي إلى 27 ألف بينما حافظت بقية الأسعار على نفسها بمعدل متفاوت. لتصبح الكلفة 112 ألف ليرة حالياً.
يذكر أن هذه الأسعار وسطية، إذ يوجد أسعار أقل كأن يباع الباذنجان والفليفلة بالكيس بدون “تنقاية”، وترتفع بحال أرادت السيدة أن تشتري بالكيلو وليس بالكيس.
بلغت كلفة صنع 10 كيلو من المكدوس في ريف دمشق 109 آلاف قبل قرار زيادة سعر المحروقات و112 ألف ليرة بعده.
اللاذقية المكدوس صار من الماضي
احتلّ المكدوس لسنوات عديدة صدارة الأطباق على الإفطار باللاذقية. وكان زاد الفلاحين في الأرض، ومؤونة الطلاب في سكنهم الجامعي. لكن للأسف مع ارتفاع التكاليف هذا العام سيغيب عن موائد الكثير منهم.
وتلجأ السيدات لبدائل كثيرة للتخفيف من كلفتة مثل استبدال الجوز الذي بلغ سعر الكيلو منه نحو 130 ألف ليرة وسطياً بالفستق العبيد وسعره 50 ألف ليرة. واستبدال زيت الزيتون الذي يبلغ سعر الليتر منه نحو 75 ألف ليرة بالزيت النباتي وسعره اليوم 30 ألف ليرة تقريباً. ومع ذلك تبقى الكلفة أكبر من قدرة الغالبية على تحملها.
تقول “رائدة” 75 عاماً، إنها كانت تعد في السابق 100 كغ من المكدوس. واليوم تكتفي بـ5 أو 6 كيلو باذنجان بالحد الأعلى. تضيف لـ”سناك سوري”: «أيام زمان كنا نحط جوز ، أما اليوم صرنا نستبدله بالعبيد».
بينما تقول “لمى” 20 عاماً: «المكدوس صار ماضي، القطرميز بيكلف هديك الحسبة، لأ معليش بلاه أحسن، خلينا عالخبزة والزيتون».
وتصل كلفة صنع 10 كيلو من المكدوس في اللاذقية إلى 116500 ليرة، موزعة على النحو التالي 10 كيلو باذنجان 30 ألف، 7 فليفلة 24500 ليرة إذ أن سعر الكيلو 3500. ثلث كيلو جوز بـ35 ألف ليرة فسعر الكيلو وسطياً 100 ألف، أوقية ثوم 5000 ليرة، ليتر زيت 22 ألف ليرة.
لكن بعد ارتفاع سعر المحروقات ارتفعت الكلفة إلى 147 ألف و500 ليرة، فكيلو الباذنجان ارتفع من 3000 إلى 3500، والفليفلة من 3500 إلى 4500، والجوز ارتفع إلى 140 ألف، والزيت إلى 30 ألف والثوم حافظ على سعره.
بلغت كلفة صنع 10 كيلو من المكدوس في اللاذقية 116500 ليرة قبل رفع سعر المحروقات وارتفعت إلى 147500 ليرة بعده.
السويداء.. الحسبة تنسف المشروع
لا يختلف الحال في السويداء، إذ أن حسبة صغيرة واحدة تكفي لنسف مشروع صنع المكدوس، بعد ارتفاع مستلزماته لدرجة كبيرة.
“هيام” التي حضّرت العام الفائت 30 كيلو باذنجان، ربما لن تتمكن هذا العام من إعداد حتى 10 كيلو. بينما “رائد” أجرى حسبته لصنع 10 كيلو فقط هذا العام وشارك حسبته مع سناك سوري.
“رائد” موظف ولديه ولدان، قال إن ثمن 10 كيلو باذنجان 25 ألف، تحتاج إلى 3 كيلو فليفلة بسعر 12 ألف. وأوقية جوز بـ13 ألف ليرة. وأوقية ثوم بسعر 5000 ليرة. إضافة إلى ليترين من الزيت بسعر 50 ألف. أي 105 آلاف ليرة.
لكن بعد ارتفاع سعر المحروقات تغيّرت الحسبة، وبات الزيت يكلف 60 ألف ليرة، والجوز 20 ألف، والفليفلة 14100 ليرة. والباذنجان 30 الف، والثوم 6000 ليرة. أي باتت الكلفة 130 ألف ليرة.
في حين يخبرنا ضياء بائع خضار أن الطلب لازال ضعيفا وبكميات صغيرة بسبب الغلاء فقد باع الباذنجان العام الماضي بـ٨٠٠ ليرة واليوم أقل كيلو باذنجان يبدأ من ٢٠٠٠ ليرة حتى ٢٨٠٠ في حال الفرز. وكذلك الفليفلة والثوم ارتفعت بفارق كبير خفف إقبال المشترين.
وحتى مع زيادة الرواتب الأخيرة لـ100 بالمئة. وارتفاع الراتب مثلاً من 100 إلى 200 ألف ليرة، فإن غالبية السوريين لن يستطيعوا إعداد حتى مؤونة بسيطة من المكدوس هذا العام.
بلغت كلفة صنع 10 كيلو من المكدوس في السويداء 105 ألف ليرة قبل رفع سعر المحروقات وارتفعت إلى 130 ألف ليرة بعده.