بعد أن أحرقتها الحرب.. شاب يعيد افتتاح مكتبته الخاصة في حمص
عبد الرحمن سحلول أحيا المكتبة بإصرار حاملاً حلم افتتاح دار لنشر الكتب
يُصرُّ “عبد الرحمن سحلول” 21 عاماً، على إبقاء أبواب مكتبته مفتوحة في “حمص” بعد انتهاء دوامه الجامعي بكلية الهندسة الكهربائية. ليبقى فيها حتى منتصف الليل منتظراً محبي القراءة ضمن المكتبة التي يصفها بـ”مشروع حياته”. والتي افتتحها العام الجاري بعد أن أغلقت الحرب مكتبة والده في المدينة.
سناك سوري-حلا منصور
يدرس الشاب العشريني محاضراته داخل المكتبة وفق حديثه لـ”سناك سوري”، مضيفاً أن التعب الذي يواجهه «تعب جميل ويستحق».
نشأ “عبد الرحمن” في عائلة تهتمُّ بالثقافة والفكر، فجدّته كانت صحفية، ووالده صاحب مكتبة ”سحلول للتراث“. والتي يعودُ افتتاحها لعام 1986، في حي ”باب هود“ بمدينة حمص.
كَبُر “عبد الرحمن” بين الكتب ومع رائحتها، فلم يكن قد تجاوز الثالثة عشرة من عمره حين كان يذهب مع والده إلى المكتبة ليساعده في أرشفة الكتب وحفظ أماكنها وأسعارها. لتبدأ رحلته في عالم الكتب من هناك، وكان أول كتاب قرأه هو ”كليلة ودمنة“ لـ”ابن المقفّع“.
المكتبة التي ضمّت مخطوطات وكتباً نادرة من دور نشر أصلية، احترقت جميعها بنيران الحرب التي اندلعت في المدينة. ليعود “عبد الرحمن” مع والده بمكتبة يتيمة موجودة في منزلهم. كانت ملجأً له خلال الحرب، قرأها مراراً وتكراراً، مع انقطاع الإنترنت والتزام الناس منازلهم.
بيع الكتب عبر مواقع التواصل
عام 2019، قرر الشاب العشريني البدء ببيع الكتب عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما يقول مبيناً أن الفكرة لاقت نجاحاً جيداً. وهو ما دفعه لأن يقترح على والده افتتاح مكتبته الخاصة.
يقول “عبد الرحمن”: «لم تلقَ الفكرة في البداية ترحيباً منه، بسبب الوضع العام في البلاد، الذي أدّى إلى انحسار الاهتمام بالثقافة والكتب الورقية. التي باتت تُعدُّ رفاهيّة بالنسبة لمعظم السوريين، إضافةً إلى دور التكنولوجيا في فرض قراءة الكتب إلكترونياً».
لكن إصرار الشاب على مشروعه، أدى أخيراً لحصوله على دعم والده بالكتب والمال وافتتح مكتبته شهر أيار الفائت. باسم مكتبة والده القديمة التي احترقت “سحلول للتراث”.
وتضمّ المكتبة الكائنة في حي “الإنشاءات القديمة”، شتّى أنواع الكتب، بين سياسية كمذاكرت “هينري كسينجر” وتاريخية. وبحثية مثل “مغامرة العقل الأولى” لـ”فراس السوّاح“، وكتب أدبية وفلسفية متنوعة، قرأ “عبد الرحمن” معظمها.
لم تلقَ فكرة افتتاح مكتبة بالبداية ترحيباً من والد عبد الرحمن سحلول، بسبب الوضع العام في البلاد، الذي أدّى إلى انحسار الاهتمام بالثقافة والكتب الورقية. لكنه دعمه بالكتب والمال أخيراً
أمّا عن الإقبال، فيصف “سحلول” حركة البيع داخل المكتبة ”بالخجولة“، فيما يعتمد بيعه على التسويق عبر الانترنت. إلّا أن ذلك لم يسبب له الإحباط، فمن خلال المكتبة باتَ له أصدقاء مقرّبون، يزورونه للتحدث وتبادل النصائح حول الكتب.
الشاب الذي أحبَّ “محمود درويش” و”طه حسين” و”نجيب محفوظ”. يَحلمُ أن يملك دار نشر يوماً ما، وأن تعود للكتاب أهميته التي لا تقل عن أهمية الخبز حسب وصفه.
ويأتي مشروع “سحلول” في وقت أعلنت عدة مكتبات إغلاقها مثل مكتبة “كردية” في اللاذقية. والتي كانت تعتبر إحدى أهم وأقدم المكتبات في سوريا.