الأمهات العاملات تحت رحمة رياض الأطفال… أسعار بتكوي ورواتب بتهوي
مطالبٌ بدعم رياض الأطفال أسوةً بالمدارس... احترام حق النساء بالعمل
تتمنى “غفران” الاستقالة من عملها، مع كل صباح تستيقظ فيه وتضع طفلها ذا الثلاث سنوات في الحضانة التي يقتطع قسطها قرابة نصف راتبها شهرياً.
سناك سوري- ناديا سوقية
الأم الشابة تعمل في دائرة حكومية تغيب عنها دور الحضانة التي تستوعب أطفال الأمهات العاملات في سنواتهم الأولى. وبالوقت عينه لا يسمح لـ “غفران” وزميلاتها باصطحاب أطفالهن إلى مكان العمل “فهذا غير متعارف عليه في مكان العمل”. بينما ترى الأمهات والناشطات النسويات أن عدم توفير بيئة عمل مناسبة للأمهات وحتى للآباء العاملين الذين لديهم أطفال صغار يحتاجون لرعاية هو إساءة من المؤسسات.
أقساط الروضات الخاصة تلتهم الراتب الراتب الحكومي؟
تتراوح أقساط رياض الأطفال الشهرية في مدينة القطيفة بريف دمشق بين 40 و50 ألف ليرة للأطفال بعمر أقل من 3 سنوات. هذا ويعد غالبية سكان القطيفة من ذوي الدخل المحدود المعتمدين على رواتب الحكومة. وهذه الأسعار المذكورة لا تشمل تكاليف مواصلات الطفل من منزله إلى الروضة.
والأطفال من 3 سنوات فما دون لا تؤمن لهم رياض الأطفال باصات للنقل، فهذه الخدمة المأجورة متاحة فقط للأطفال ممن هم في سن الرابعة ومابعد.
تقول “غفران” لـ سناك سوري: «راتبي 108 آلاف ليرة سورية. أدفع منه 50 ألف قسط الروضة دون الباص. وإذا أضفت مصاريف طعامه في الروضة والمصاريف الأخرى فإنني سادفع راتبي كله تكلفة طفل واحد في الروضة». وتضيف :«أما إذا حسبت تكلفة المواصلات فإن التكلفة تتراوح شهرياً بين 50 و100 ألف أيضاً لوحدها. وذلك اعتماداً على حالة الطقس. أو توقيت خروجي من المنزل إذا كان مبكراً أو متأخراً عن الدوام. ففي حالات المطر والبرد والتأخر أستخدم التاكسي نظراً لعدم وجود وسائل نقل عامة بين المناطق في المدينة. وماعدا ذلك أذهب وأعود سيراً على الأقدام مسافة حوالي 30 دقيقة».
«راتبي كله يكفي كقسط لطفل واحد في الروضة»- غفران
البدائل المُكلفة
تخوض “نور” 29 عاماً معاناة شديدة بالموازنة بين عملها ورعاية طفليها. فهي تعمل ضمن مستشفى خارج مدينة القطيفة. وعليها أن توصل طفلتها البالغة من العمر 3 سنوات لمنزل عائلتها التي تتكفل بمهمة نقل الطفلة إلى المربية.
مربية الطفلة الصغيرة لا تستقبلها قبل التاسعة صباحاً أي بعد ساعتين من موعد انطلاق الأم باتجاه عملها. أي أن يوم الأم يبدأ من الخامسة صباحاً تقريباً لتحضير أطفالها واحتياجاتهم قبل أن تنطلق بهم إلى بيت الجد الذي تعود إليه لأخذ ابنتها في المساء أيضاً.
هذا اليوم الشاق يقابله راتب ضئيل أيضاً كأي موظف حكومي في سوريا معدل راتبه قرابة 150 ألف ليرة سورية بالحد الأعلى. فتدفع “نور” مقابل رعاية المربية طفلتها 3 ساعات يومياً قرابة 25 ألف ليرة بالشهر ويزداد المبلغ بازدياد الساعات التي تضمن فقط رعاية ومراقبة دون برنامج تعليمي أو ترفيهي.”الطفلة تجلس في غرفة وتلعب بها تحت مراقبة المربية”.
http://https://youtu.be/tTCOtXPLEMk
أما طفلتها الكبرى التي يزيد عمرها عن 3 سنوات فتضعها بالروضة التي تستنزف منها شهرياً 75 ألف ليرة. أي أن مصروف رياض الأطفال يقتطع ثلثي راتبها شهرياً دون الحديث عن التكاليف الأخرى الخاصة بهذه الشريحة العمرية وهي كثيرة ومكلفة.
روضة المشفى مقفلة بوجه الأطفال ومطالب الأمهات مهملة
تشتكي نور من إغلاق الروضة التي كانت تستقبل الأطفال في المشفى التي تعمل بها. وتقول في حديثها مع سناك سوري إنها وزميلاتها في العمل طالبن مراراً وتكراراً بإعادة تفعيلها كون معظم الطاقم في المشفى من النساء إلا أن الإدارة لم تستجب للمطالب.
وتعتقد الأمهات اللواتي تحدثنا معهن ومن ضمنهن نور أن وجود روضة في المستشفى سيحسن جودة العمل أيضاً. وسيطور الجانب النفسي والمعنوي للأمهات من خلال الاطمئنان على أطفالهن والشعور بتقدير احتياجاتهن والتوفير المادي أيضاً.
أسعار مرتفعة وخدمات محدودة
تحصد رياض الأطفال أسعاراً مرتفعة مقارنة مع دخل الأهالي ولكنها بالمقابل لا تقدم خدمة كافية لهم لناحية الأوقات التي تحددها لاستقبال لأطفال ولا تناسب بعض الأمهات العاملات عملاً حراً أو بالقطاع الخاص.
المطلوب رياض أطفال مجانية كالمدارس بالنسبة للنساء العاملات أو الأسر التي فيها أبوان عاملان – اقتراحات
هنادي (28) عاماً طبيبة أسنان وأم لطفلين وضعت الكبير 4 سنوات في روضة تغلق أبوابها عند الساعة 12 ظهراً، وبالتالي عليها أن تضعه بعد ذلك في منزل والديها أو والدي زوجها.
وتنتقد الطبيبة الشابة طريقة عمل رياض الأطفال دون سن 3 سنوات وترى أنها لا تتبع برامج عمل وأنشطة مخصصة لهذا العمر. وإنما تقوم على مبدأ أن يمضى الطفل بعض الوقت فيها بهدف ترك أمه تعمل وحسب.
استطاعت “هنادي” إيجاد حل بوجود عائلتها وعائلة زوجها بالقرب منها، لكن ماذا تفعل الأسر التي تعيش بعيداً عن عوائلها؟ في هكذا حالات لا خيار لديها سوى الحضانات!
رياض الأطفال حقوق للنساء العاملات
ترى الناشطة المدنية “حنين أحمد” أن وجود مساحات آمنة للأطفال متمثلة بالحضانات، حق من حقوق المرأة لتكون متاحة للعمل. ولكي لايتكرس دورها ويتنمط في رعاية الأطفال ويُلغى دور الأب معها.
الحل لا يقتصر على المعاملات الرسمية وواجب الدولة بل يتعداه لتوازن الأدوار الاجتماعية – حنين أحمد
القانون في سوريا لم يفرض وجود رياض أطفال وحضانات في مؤسسات العمل لكن بعض النقابات تتبنى هذه الفكرة وتناصرها. بحسب “حنين” التي ترى أنه من المفترض على الحكومة أن تتدخل لتوفير روضات أو حضانات للقطاعين العام والخاص.
تقول “حنين” أن الحل لا يقتصر على المعاملات الرسمية فقط وواجب الدولة بل يتعداه لتوازن الأدوار الاجتماعية. فالرجل أيضاً مسؤول عن رعاية الأطفال كما المرأة لأنهما شريكان ومعيلان لا تقل أهمية عمل أحدهما عن الآخر.
تقترح بعض الأمهات والناشطين/ات المدنيين/ات ممن التقيناهم أن يكون هناك دعم حكومي لرياض الأطفال مثل المدارس تماماً. بحيث تكون مجانية للأسر التي يعمل فيها الأبوان سواء بالقطاع العام أو الخاص كنوع من التشجيع والتحفيز لعمل النساء وحتى لا يظلمن “لأنهن أمهات” خصوصاً بالمجتمعات الذكورية. كما يدعون لسن قانون يضمن وجود روضات في كل المؤسسات ودور الرعاية التي تضم أكثر من 50 موظفاً وموظفة.
وأنتم هل تواجهون مشكلات مع حضانات أطفالكم؟ وبرأيكم هل مسؤولية تأمين الأطفال في الروضة على عاتق الرجل أم المرأة أو الاثنين معاً؟
اقرأ أيضاً: أقساط الروضات في دمشق أعلى من قسط التعليم الموازي!
https://youtu.be/toTznzHSyZM