إقرأ أيضاالرئيسيةرأي وتحليل

الشمال السوري.. مثلث المواجهة

سناك سوري – مازن بلال

تذهب المواجهة في سورية نحو حالة البحث عن جدوى التعامل مع هذه الجغرافية الهشة، فمن يدعي القدرة على إمساكها يغرق أكثر في إرباك التصرف مع التوازن الذي يحكمها، ومن يفترض أنه قادر على طرح معادلة صراع جديدة يواجه العوامل التي تتحرك لترسم الأزمة السورية بشكل مختلف، فالتحليل السياسي يمكن أن يختل في أي لحظة ليكشف أن التماسك داخل خيوط الحرب في سورية وهمي لأبعد الحدود، وأن التحالفات القائمة تترك فراغا واسعا خلفها لا يمكن ملؤه بشكل منطقي أو عادي.

في سورية تصورات ترسمها التصريحات بشأن الشمال السوري وشرقي الفرات، وهي تفتح بوابة لتناقضات جديدة تعبد رسم العلاقات ما بين واشنطن وأنقرة، وفي نفس الوقت تخلق اضطرابا مع أوروبا التي تبدو عاجزة عن اتخاذ مواقف أكثر جدية، فلزمن طويل كان الحزام الفاصل بين تركيا وسورية يسجل استقرارا معاكسا لتلك المنطقة التي عبرت تاريخيا عن حالة صراع، وإذا كان العسكريون يطلقون على “حزام الصدع” على تلك المنطقة؛ للدلالة على أنها “مولدة حروب” و حضارات، فإنها تبدو حاضرة اليوم في كل تفاصيل الأزمة، ويصعب تصور مستقبلها في ظل مساحة التناقض التي تخلفها، وقراءتها وفق المعطيات الحالية تمنحنا ثلاث مؤشرات:

  • الأولى رغبة تركيا في اعتبار الشمال السوري منطقة نفوذ، وهي لا تتسرع فقط في فرض واقع داخل عفرين التي احتلتها، بل تعتبر أيضا أن الخلل السياسي الإقليمي يمنحها الفرصة كي تغير واقعا طالما أزعجها على طول الحدود.
  • المؤشر الثاني التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي بشأن الانسحاب من سورية، فحتى لو لم يتحقق هذا الانسحاب لكنه أربك المعادلة القائمة على تواجد قوات سورية الديمقراطية، ودفع بعامل جديد إلى الساحة تجلى بالتواجد الفرنسي.
  • أخيرا فإن ما يُطلق عليها الدول الضامنة تعاني من عدم الوضوح في رسم الملمح النهائي لتعاونها في الشمال السوري، فرغبة موسكو في إبقاء تركيا ضمن حلفها يؤخر في كسر الحلقة التي تربط الدول الضامنة المختلفة استراتيجيا حول شكل الشرق الأوسط القادم، لكنها متفقة على أن المرحلة الحالية تتطلب تحديد الأدوار لكل منها.

الدول الضامنة على اختلاف حجمها ودورها في سورية تدرك أن رسم التوازنات القادمة في سورية سيؤثر عليها بشكل مباشر، وما يجمعها حاليا لا يرتبط فقط بمصير الشمال السوري إنما بنوعية العلاقات الإقليمية والدولية التي تستقر مع نهاية الحرب في سورية، فتركيا تحاول التلاعب بالجغرافية والديموغرافية للشمال السوري، وربما تطمح بتحول نتيجة فرضها لواقع خاص في “عفرين” و “الباب” ومستقبلا في “منبج”، ولكن ما تقوم به ربما لا يشكل مدخلا لنفوذها في سورية والمنطقة، فالإمساك بهذه المنطقة وبسورية عموما يحتاج لأكثر من مناطق نفوذ، لأنه يرتبط بالتعامل مع جغرافية تتطلب أولا وأخيرا تشابكا ما بين التوازنين الإقليمي والدولي، وهذا الأمر سيحدد مستقبل الشمال وسورية عموما.

اقرأ أيضا : الغوطة الشرقية.. نقطة اللاعودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى