اتفاق درعا فشل.. المعارك تعود إلى ماكانت عليه قبل 2018
المشهد في درعا اليوم بعد ساعات من الاشتباكات
سناك سوري – درعا
نعت أصوات النيران صباح اليوم الخميس، المفاوضات التي كانت جارية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية لإنعاش اتفاق “درعا” الذي أعلن رسمياً عن فشل تطبيقه، وحمل قائد شرطة المحافظة العميد “ضرار الدندل”، رسمياً الفصائل في حي “درعا البلد” المسؤولية عن الفشل.
نيران الإشتباكات التي انطلقت فجر اليوم كانت متوقعة، خصوصاً بعد نزوح عشرات العائلات من الحي وإعلان محافظة “درعا” تخصيص مركز إيواء في مدرسة “ذات النطاقين”، لاستقبال العائلات النازحة لحين انتهاء الاشتباكات.
رشقات النيران والاستهدافات صباح اليوم، تشير إلى أن “درعا” أمام عملية عسكرية هدفها واضح جداً بالنسبة للحكومة السورية وهو بسط السيطرة الكاملة على الحي وإنهاء ملف السلاح.
وفق المشاهدات الصباحية فإن وحدات من الجيش السوري تقدمت فعلياً داخل الحي خلال الساعات الماضية، وبحسب تصريح قائد الشرطة بالأمس فإنه يوجد داخل الحي عناصر من “داعش” وهم الذين ساهموا في تعثر اتفاق التسوية، وحرضوا عليه لعدم إنجاحه، وما نتج عن ذلك من استهداف لعناصر الجيش والآليات العسكرية خلال اليومين الماضيين أثناء تنفيذ الاتفاق.
الاتفاق الذي وقعه وجهاء حي “درعا البلد” وممثلون عن الحكومة السورية، كان ينص على تسليم السلاح، تسوية أوضاع المطلوبين والمتخلفين والفارين من الخدمة الإلزامية، وتأمين نقل من يريد إلى الشمال، إزالة السواتر والحواجز..إلخ، إلا أنه وبحسب قائد الشرطة فإنه تم الإخلال بهذا الاتفاق من قبل وجهاء ومسلحي الحي، رغم قيام الجهات الحكومية بتأدية التزاماته منه حسب تصريحاته أمس.
التوتر في “درعا” اليوم لم يقتصر على أحياء المدينة، حيث شهدت بعض مناطق الريف توترات أمنية وهجمات على بعض الحواجز العسكرية الرسمية في الريفين الغربي والشرقي.
من جهة أخرى تساقطت قذائف على حي “السحاري” وساحة “بصري” ومشفى “درعا” الوطني، وبحسب مصادر سناك سوري فإنه تم إسعاف مصابين إلى المستشفيات نتيجة التوترات الأمنية.
اقرأ أيضاً: العميد ضرار الدندل: وجهاء درعا البلد أخلّوا بتسليم السلاح
في الأثناء أيضاً كانت وسائل إعلامية محسوبة على المعارضة، وتعمل في تركيا والإمارات وقطر وحتى أوروبا تبث مباشرةً من حي “درعا البلد”، في حين غابت الأخبار وحتى الصور والمتابعات الصحفية للمراسلين العاملين في وسائل الإعلام الحكومية، أو شبه الحكومية عن التغطية دون توضيح الأسباب.
المصادر المحلية تشير إلى أن بدء المعركة لا يعني انعدام فرصة التوصل إلى حل، وتتوقع أن يكون هناك تواصل خلال الساعات القليلة القادمة من أجل اتفاق جديد، يفضي بنقل من يريد إلى الشمال السوري وتسوية الأوضاع هناك، لكن الأهالي يأملون أن يكون الاتفاق خلال دقائق حقناً للدماء وتجنباً لمزيد من الدمار والآذى.
ما تشهده “درعا” اليوم يعيدنا بالأذهان إلى محطات عديدة، قد يكون أبرزها بداية الأحداث عام 2011 والمواجهات العسكرية التي شهدتها المحافظة وما نتج عنها من ضحايا ودمار وتصعيد مستمر حتى العام 2018، عندما تم التوصل لاتفاق تسوية عرف بـ “تسوية الجنوب السوري” وأسفر عن توقف المعارك ونقل مسحلين وعوائلهم إلى الشمال السوري بعد رفضهم لبنود التسوية آنذاك.
إلا أن اتفاق التسوية في الجنوب لم يحقن الدماء، فقد استمر مسلسل الخروقات الأمنية بشكل شبه يومي، هجمات على حواجز بين الحين والآخر، قطع طرقات، اغتيالات لمسؤولين حكومين وآخرين أجروا تسويات أو قادة فصائل سابقين وصولاً لحوادث الاختطاف والسلب والسرقة، في حين غابت أجواء المصالحة عن الجنوب السوري طوال الفترة مابين 2018 و2021 وظل القلق والترقب سيد الموقف بالنسبة للأهالي، الذين لم يعرفوا بعد طعم الأمان الكامل لكنهم كانوا أكثر استقرار وأمناً من المرحلة مابين 2011 و2018.
التصعيد في الجنوب اليوم يأتي مع متغيرات في الموقف الأردني، فالجار الجنوبي لسوريا، والذي سبق له أن احتضن غرفة “الموك” التي كانت تجمع فصائل تحظى بدعم خليجي أميركي وتقاتل ضد الحكومة السورية، يعمل اليوم على بناء علاقة مع الحكومة في “دمشق” ويريد تثبيت الاستقرار بالجنوب، وقد زار الملك الأردني “عبد الله الثاني” أميركا قبل أيام والتقى رئيسها “جو بايدن”، وأطلق تصريحات فيها تحول بالموقف تجاه ضرورة بناء العلاقة مع سوريا واليوم الأردن الذي فتح حدوده سابقاً لدخول المسلحين والسلاح يريدها حدوداً للتجارة والفوائد الاقتصادية، ما يجعل مآلات الجنوب السوري والتوترات فيه سهلة توقع السيناريو الذي ستمضي إليه وسرعة تحقيقه.
اقرأ أيضاً: سوريا.. اتفاق هش في درعا وتصعيد ليلي وموجة نزوح