عامل تصليح خطوط الهاتف “المليونير الصغير”
بسيارة موديل 2010 وصل عامل التصليح بعد “بوسة إيد” وعشرات الاتصالات الفاشلة عالشركة
سناك سوري – خاص
بدأت معاناتنا منذ اليوم الأول الذي سكنّا فيه بمنزلنا الجديد وظهرت مشاكل الانترنت والأعطال المتكررة فاتصلت وبكل سذاجة بشركة الهاتف لاعتقادي أنهم سيحلون المشكلة، تكررت الاتصالات والرد واحد “المشكلة مو من عندنا احكوا مع مقسم الدولة”.
هكذا جاء رد موظف الشركة عاودت الاتصال بمقسم الدولة وقبل أن أنهي شرح المشكلة تقاطعني الموظفة بصوتها الحاد قائلة:«سجلنالك الطلب وخلال ٤٨ ساعة رح يكون العطل انحل»، وانتظرت ٧٢ ساعة،ثم مر أسبوع والمشكلة مازالت قائمة واتصالات هنا وهناك وشكوى جديدة تنضم للشكاوي السابقة ويتكرر نفس الحديث الذي حفظته (وكأنك يابو زيد ما غزيت )، وبعد طول انتظار رأف أحدهم بحالي أو هكذا ظننت وقال :«نحن ما عندنا أي صلاحية تدخل بالمقاسم والأعطال، الحل الوحيد أنك تدفع لعامل التركيبات “البراني” ليساعدك اسأل عنه في شركة الهاتف»، طبعا ماكذبت خبر رحت وسألت وأوصلتني شركة الهاتف بشخص اسمه (…..) الله يستر عليه.»
اقرأ أيضاً:“الخطيب”: سننتقل إلى عصر آخر في الإنترنت.. “الله يبعدنا عن عصور ما قبل التاريخ”!
عامل تصليح خطوط الهاتف
لم يرد العامل على اتصالاتي (مستغني) علمت فيما بعد أن عمال الهاتف لا يردون على أي اتصال إلا بعد إرسال رسالة نصية فيها التعريف بإسم المتصل وسبب الاتصال (ماشاء الله) وهكذا فعلت فأنا كالغريق المتعلق بقشه وبعد الرسالة بنصف ساعة جاء الرد وفيه موعد للاتصال وقبل ذلك أرسل رسالة تعريفية أخرى مجددا (وكأني رح قابل وزير).
(بعد بوسة إيد وعشرات الاتصالات والرسائل) وصل العامل يبدو شاب في أواخر العشرينيات على الرغم من مهنته المتواضعه إلا أنه متفاخر في طريقة حديثه وكان (سوبر مان) والمنقذ بالنسبة لي بعد أن تخلت الشركة عن عملائها، مع الوقت أصبحت من زبائنه وهو يزور الكبينة في كل أسبوعين مرة لتصليح خط الإنترنت الذي لا يدوم على حال وكانت جملته الدائمة (خطك سليم)، ثم يقوم ببعض الإصلاحات السريعة ويأخذ 3 آلاف ليرة ويغادر، بعدها يتحسن الخط قليلاً إلا أنه في نهاية الأمر يعود لحالته السيئة، بقيت فترة على هذا الوضع إلى أن وصلت حدي من الإنترنت والشركة ولرغبتي في الحصول على حل جذري للمشكلة أرسلت رسالة لعامل الهاتف فيها كل الخطوات المتبعة (حتى حضرته يرد) وعرضت عليه مقابل خدماته المبلغ الذي يريد ( المهم اخلص ) وبأسلوب ساخر رد قائلاً: “بدك تخلص من القصة بشكل نهائي بقى، طيب طيب” وحدد لي ساعة ومكان اللقاء.
اقرا أيضاً:الحرب منعت وصول الحضارة “الهاتفية” إلى ريف صافيتا!
جولة مع المليونير في سيارته “الفارهة”
الساعة الثامنة صباحاً ذهبت لمقابلة العامل أمام شركة الاتصالات تفاجأت أن لديه سيارة فارهة موديل 2010 باستغراب سألت نفسي كيف لعامل بسيط امتلاك مثل هذه السيارة لا دكتور ولا مهندس يستطيع دفع تكاليفها وتحمل وقودها وأعطالها ويقال أن آخر سيارة من نوعها دخلت الأراضي السورية كانت في 2011 فكم سيكون سعرها هذه؟
صعدت معه السيارة والتفت نحوي قائلاً : « اليوم بدك تداوم معي»، لم أمانع الفكرة ولفتني أنه يستخدم هاتفين أحدهما للعامة والآخر للشخصيات الهامة قضيت النهار معه من كابين لكابين وبناية لبناية ودخلت بيوت من مستويات مختلفة وانتبهت للاتصالات المتكررة على هاتفه التي لا يعيرها أي اهتمام ويردد بشكل ساخر (مفكريني رح رد عليهن)، كانت الأجرة التي يأخذها مقابل عمله 5000 ليرة من البعض بينما يدفع آخرون ألفين وثلاثة آلاف ليرة، ولا أنسى أن ضمن زبائنه الذين يعانون من مشاكل الإنترنت كان بيت والد إحدى الشخصيات المهمة في المحافظة لا أنكر أنني استغربت أنهم قد يعانون مثلنا!
ثم أكملنا الجولة تحت المطر قلت بعفوية ( الله يعينك كيف بتشتغل تحت المطر )، رد قائلاً : «ياريت كل السنة مطر وقت اللي بينزل المطر بتنفتح عليي طاقة “مصاري” بتكتر الأعطال وبيصير الكل يحاكيني»، كان الصمت هو جوابي وفي إحدى البنايات تعمد تعطيل كابينة أحدهم ثم برر ذلك بأنه لم يدفع له ويستحق!
عند الساعة الثالثة بعد الظهر انتهت الجولة وكان تصليح “كابينتي” وحل مشكلة الانترنت عندي آخر ما قام به، أهم مميزات هذه التجربة على الرغم من أنها لم تحل مشكلة الإنترنت بشكل نهائي الا أنها أدخلتني كواليس مهنة ظننت أنها للبسطاء لكنها لم تكن كذلك، وعلمتني من خلال المشاهدة والمراقبة لساعات كيف تتم الصيانة ولم أعد اليوم بحاجة لا للاتصال بالشركة ولا العامل الذي لو علم أني تعلمت مهنته لكان أكل أصابعه ندماً على تلك الجولة.
اقرأ أيضاً:الاتصالات تريد حفر نفق كابلات الهاتف على نفقة أهالي حي “كرم شمشم”