طالبة سورية في أول يوم لها بجامعة أوروبية
زعلت على الموظفة وكان بدي قلها طولي بالك يا أختي
سناك سوري-سناء علي
إنه اليوم الأول في الجامعة هنا في “هنغاريا”.. سيكون مخصصاً للأوراق بطبيعة الحال.. أقصد مكتب منسقة برنامج الدراسة، موظفتان اثنتان فقط ستكونان معنيتان بكل الأوراق (ليش الكترة)، تستقبلني الأولى بوجه مبتسم وترحيب كبير، جعلتني أشعر بأنها كانت تنتظرني على أحر من الجمر، بينما ينسحب لطفها الكبير واستعدادها الدائم للمساعدة، على جميع الطلاب ولا يعود لكون الطالب قد يظن نفسه، شخصية مهمة، وفقاً لتضخم الأنا الذي نعاني منه في شرقنا الحزين.
أنجز قسماً من الأوراق الأولية، تهديني الموظفة دفتراً وقلماً، وأتلقى خارطة الطريق الخاصة بالبقية، سيستغرق الأمر أكثر من أسبوعين لإنجاز كافة الأوراق، أخرج من عندها لأذهب إلى مكتب الأخرى، التي ستخطئ في كتابة اسم والدتي دون أن أنتبه لذلك إلا في المساء، إنه حرف واحد ناقص فقط، ولكن اسم الأم هو المرجع في كافة المعاملات الرسمية، ما اضطرني للعودة إليها مجدداً في اليوم التالي، لتبدأ الركض من أجل تصحيح الخطأ، وأنا أركض وراءها من غرفة لغرفة (وبدي قلها طولي بالك يا أختي، ما بدها كل هالقد .. مننطر لبكرة مو مشكلة).
اقرأ أيضاً: في “أوروبا”.. رحلة الاندماج تبدأ من WC
بينما هي تنبهني إلى ضرورة إرسال بريد إلكتروني مسبق، ما يساهم بتقليل الوقت اللازم للعمل، باعتبار أنها مستعجلة ومضطرة تغادر المكتب (إي طلعت عم تركض كرمال حالها ..أشعر بالراحة الآن)، تعطيني الورقة الجديدة لأكتشف خطأ آخر يتعلق بالتاريخ، (هون بقا خلق الموظفة الواسع، بلش يضيق من نظرة عيونها.. من دون ما تحكي شي، هيك ها، زورة من هون، نظرات شذرة من هنيك)، تأخذ الورقة بقليل من الغضب، تعيد تصحيح الخطأ، أتشكرها وأذهب.. وكأنني أنتقم من كل اللحظات المشابهة في ذاكرتي.
يتكرر الأمر مرة ثانية في مكتب البلدية حيث اضطرت الموظفة ذات الوجه البريء والملامح الطفولية جداً، لإعادة إنجاز المعاملة 3 مرات متتالية، لتتحول الملامح الطفولية والابتسامة الجميلة إلى نظرات غاضبة، مكبوتة لا تستطيع أن تتحول إلى شكل آخر من أشكال الطاقة اللفظية المألوفة لدي، بينما لا يفوتني أن ألحظ كمية الشعر على ذراعها، (كل هالنعومة والجمال الهادئ، ولا تنظف شعر يدها، أقول في سري) ليظهر أمامي التساؤل عن سر العقد التي تحكم حياتنا. (إنها حريتها الشخصية.. يعود عقلي ليصصح المسار)، تنتهي القصة أخيراً وأتسلم بطاقة الطالب بعد عناء كبير.. لم تستطع خلاله الموظفة إلا أن تطبق القانون دون أن تنبس ببنت شفة بالرغم من علامات الضيق الواضحة.
اقرأ أيضاً: طالب جامعي جبار ينهي أوراق تسجيله في الجامعة خلال شهر واحد