“محمد عرابي”.. بساق واحدة يقود بابنه نحو العلاج من إصابته
فقد ساقه عام 1967 … تعرفوا على “عرابي” حديث الشارع الدرعاوي اليوم
سناك سوري – هيثم علي
بساق واحدة يتنقل “محمد عرابي” من أبناء محافظة “درعا” في شوارعها على دراجته الهوائية ذات العجلتين يمسك المقود بإحكام ويبتسم بوجه المارة الذين يرمقونه بنظرات الاستغراب، بينما يضع ابنه المصاب خلفه.
الرجل الخمسيني لم تمنعه الإصابة التي تعرض لها عندما كان طفلاً بعمر العامين أثناء نكسة “حزيران” عام 1967 وأفقدته قدمه، من وضع ابنه المصاب بحروق تمنعه من الحركة خلفه على دراجته الهوائية ونقله لتلقي العلاج اللازم في مقر الهلال الأحمر السوري في المحافظة متحملاً عبء القيادة المجهدة بالنسبة لشخص مثله.
تاريخ الإصابة قديم ويرتبط بذكرى مؤلمة لدى “عرابي” وهي نزوح أسرته من المنزل في الجولان السوري المحتل أثناء نكسة “حزيران” حسب حديثه مع سناك سوري، يضيف: «أجبرت مع أسرتي على النزوح من الجولان المحتل، وأثناء إقامتنا في خيمة على سكة القطار في تجمع “درعا” لأبناء “الجولان” تعرضت لحادث نتيجة اصطدام القطار بالخيمة أدى لبتر قدمي التي مر فوقها القطار».
تحفيز الذات لمواجهة الإصابة وتحدي المشكلة التي شب عليها ومعاناته من رحلة العلاج المؤلم أمور جعلت “عرابي” أكثر تصميماً على الحياة وممارسة يومياته بشكل طبيعي، يقول لـ”سناك سوري”: «حالة من الاكتئاب الشديد أصابت أفراد العائلة بعد الحادثة التي تعرضت لها لكنني تمكنت بالإصرار والعمل من تجاوز المحنة والعودة لممارسة حياتي حيث تزوجت وأصبحت أباً لخمسة أطفال وهم يحتاجون مني الرعاية والاهتمام».
يحاول “عرابي” الذي يعمل موظفاً في مديرية زراعة “درعا” إتمام مهامه تجاه أسرته مهما كانت الظروف ويسعى إلى العودة لمهنته كنجار كونه كان يملك منشرة خاصة لكن الحرب مرة أخرى أخذت منه مصدر رزقه الإضافي الذي كان يساعده في إعالة أسرته، ويؤكد أنه يحاول إعادة افتتاح محل صغير ولو كشك يتمكن من خلاله ممارسة عمله الذي يحبه وهو “النجارة”.
الأمل والطموح وعدم الاستسلام للمصائب مهما كانت قيم غرسها “عرابي” في نفوس أبنائه كما يقول، لكنه مايزال يأمل أن تتبنى إحدى الجمعيات فكرة تركيب طرف صناعي له يتمكن من خلاله السير على قدميه بدون عكازة.
زملاء “عرابي” في العمل يرون فيه قدوة ومثالاً للصبر والتحمل والقوة ومنهم “سمير الراشد” الذي يقول إن «ابتسامته وإقدامه على العمل بالرغم من ملامح التعب التي تبدو عليه كونه يعمل بقدم واحدة مستعيناً بعكاز تشعرني بالكم الكبير من الأخلاق والصلابة التي يتمتع بها هذا الرجل، وتمنحني حافزاً أكبر في الحياة».
“عرابي” يقود دراجته الهوائية اليوم بساق واحدة ومن خلفه ولده الذي لف ساقه بالشاش والقطن، يعد حديث الشارع في درعا، حيث يحظى باحترام الناس وتقديرهم على مرونته وقدرته على التلائم مع الظروف وحتى التغلب عليها.
اقرأ أيضاً: “سمعانة شيخ سليمان” أم تتحدى آلامها الجسدية وتعمل لتؤمن لقمة عيش أسرتها