ممكنات وإيجابيات اللجنة الدستورية السورية – أنس جودة
![](https://snacksyrian.com/wp-content/uploads/2017/08/anas.jpg)
اللجنة تجتمع الأربعاء القادم بعدما دفع السوريون أثماناً مرهقة
سناك سوري – أنس جودة
بعد توفر الغطاء السياسي الدولي الضروري لعمل اللجنة الدستورية، واكتمال العناصر التنفيذية اللازمة لعملها بإعلان القواعد الأجرائية وتحديد يوم الاربعاء القادم موعد انعقادها، يمكن الحديث بشكل جدي عن المطلوب من اللجنة ومدى قدرتها على التأثير بمسار الحل السياسي السوري المستعصي منذ مايقارب التسع سنوات.
منذ بداية الحرب السورية أخذ موضوع الدستور الحيز الأوسع من النقاش بين السوريين سواء حين إصدار دستور 2012 أو لاحقا في اجتماعات الأمم المتحدة أو في اللقاءات السياسية وفي المحافل الدولية لهذا فليس من المستغرب أبدا أن يكون الموضوع الدستوري هو الموضوع الأهم في المبادرات السياسية التي بني عليها القرار الدولي 2254 أو مبادرة سوتشي، التي كيفما فسرت أو تعدلت أو ظهر غيرها فهي ستبقى دائما تدور حول ثلاث نقاط أساسية : الحوار الوطني- الدستور- الانتخابات. وهي نقاط لابد من مقاربتها جميعا حتى يمكن القول أن مسار الحل السياسي السوري قد استكمل.
اقرأ أيضاً: “بيدرسون” يتحضر لانتخابات الرئاسة السورية عام 2021
في ظل التدخل الدولي الكبير والاستقطاب السياسي العالي دولياً وسورياً، وواقع السوريين في الداخل والشتات أو تحت سيطرة الاحتلالات وقوى الأمر الواقع على مساحات من الجغرافيا السورية، فلن تكون مقاربة هذه النقاط الثلاث موضوعية ولا مثالية بل إن حتى إمكانية مقاربتها ستكون بحد ذاتها انجازاً سياسياً، وينطبق هذا الأمر على اللجنة الدستورية التي حكم تشكيلها وإطلاق عملها مشادات ونقاشات هي في غالبها أبعد ماتكون عن المصلحة السورية بل كانت ربما بازاراً مفتوحا لتحقيق المصالح السياسية وأطماع القوى المتدخلة في سوريا أو في أماكن أخرى من العالم، لهذا لايمكن معايرة عمل اللجنة معايرة مثالية كما هو كل شيء في الواقع السوري المتردي، بل من الواجب البحث في الممكنات والنقاط الأيجابية التي يمكن تحصيلها من عمل اللجنة والتي يمكن البناء عليها لاحقاً لصناعة مسار حل سوري حقيقي بأيدي وعقول سورية وفقاً للمصالح المشتركة للسورين في كل مكان.
اقرأ أيضاً: اللجنة الدستورية السورية: قارب نجاة وغرق
عملياً تفتح اللجنة ثلاث ممكنات وكلها لاعلاقة لها بالمخرج المتوقع منها أي النص الدستوري العتيد، وهذه الممكنات هي:
1- كسر حاجز التعامل مع الأخر. فمهما تمترست الأطراف خلف سرديات الشيطنة والتخوين ورفض التعامل، ومهما امتلأ إعلام كل منها بأوصاف وتشبيهات اعتدنا على سماعها في السنوات السابقة، فالواقع أن الأخر أصبح موجوداً فيزيائياً ومعنوياً على نفس الطاولة ويجب التعامل معه والانتهاء بشكل كامل من رؤية الطرف الواحد وذلك بغض النظر عن الأطراف والشخصيات الموجودة اليوم، فالمهم هو الفكرة بحد ذاتها أي قبول أن هناك أطرافاً متعددة لها وجهات نظر مختلفة في العملية السياسية ولها مساحتها من العمل والتأثير في صنع القرار.
2- النقاش والجدل الواسع بين مختلف السوريين حول اللجنة ومدى شرعيتها ومصداقيتها ولاحقا حول البنود الأساسية التي تقتضي التعديل والتغيير والتطبيق. فاللجنة ستشكل لأول مرة مساراً رسمياً يحظى بالمتابعة العامة والاهتمام الشعبي خصوصاً في ظل التغطية الاعلامية المتوقعة، هذا النقاش سيضع المواد الدستورية والأراء المختلفة حولها في نطاق الاهتمام العام الذي غلب عليه في العقود الماضية اللامبالاة وعدم المعرفة بالشأن العام والدساتير والقوانين الأساسية.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تعلن عن القواعد الإجرائية لعمل اللجنة الدستورية السورية
3- الحراك المدني والمجتمعي داخل اللجنة وخارجها للمدافعة والمناصرة للقضايا التي يطرحها المجتمع والأراء المختلفة حولها، مما يشكل بناء قدرات حقيقيا للقوى المدنية والسياسية على طرق حشد التأييد وطرح الحلول خصوصاً أن وجود اللجنة سيفتح الباب أمام هذه القوى للعمل بمساحات أكبر، وهو مايعد من أهم المخرجات التي يمكن البناء عليها للمستقبل.
تبقى هذه الأفكار ممكنات، فمسار اللجنة وعملها محفوف بالتجاذبات والصراعات وقد يستمر فترة طويلة وقد يتوقف لأسباب لايد للسوريين فيها فلكل جهة مؤثرة على عمل اللجنة، سواء من الدول أو مراكز التأثير وحتى مكتب المبعوث، أجندتها ومصالحها الخاصة التي تريد تحقيقها وقد علمتنا التجارب أن أغلب هذه المصالح بعيدة عن المصلحة السورية.
تحمل السوريون تبعات هائلة من أرواح ودمار وتفتت مجتمعي طوال سنوات الحرب، ولم يتم الوصول لهذه اللجنة إلا بعد دفع أثمان مرهقة وباهظة، فلنفكر بإيجابية ونسعى للبناء الجدي على مابأيدينا فالفرص وممكنات الخروج من هذه الدوامة قليلة جدا، وكلما أضعنا من هذه الفرص كلما سرعنا بحدوث الإنفجار القادم الذي قد لن يكون بعده أي فرصة لإعادة بناء الجسد السوري المنهك.
اقرأ أيضاً: الحكومة السورية ترفع كل الإجراءات الأمنية عن أعضاء اللجنة الدستورية