
وقفتُ صباح هذا اليوم أمام مرآتي “يلي أكلتها الغبرة”، لأرى انعكاس وجهي عليها، حاجب فوق حاجب، عيون ذابلة. وأكتاف مرهقة، بينما قفز إلى مخي “الأحمق”، سؤال عن ماهية شروط النجاة والاعتزاز بالنفس في سوريا. (يعني أيمت الواحد أو الوحدة بيحقلن يعتزوا بنفسن).
سناك سوري-رحاب تامر
وخلال تلك الوقفة التي لم تتجاوز الدقيقة، قبل أن تدق ساعة المسؤوليات من ركض جوا المنزل وخارجه، أدركت ما هي شروط الاعتزاز بالنفس في بلدنا. بعد مضي النصف الأول من 2023، الذي شهد زلزال وتبعات حرب وارتفاع أسعار غير مسبوق.
لم نصبح متسولين بعد
والتسول الذي أقصده هنا هو الوقوف في الساحات وأمام الجوامع مع يد ممدودة. وأما التسول المغلف برداء الدين، فهذا لا يحتسب. لأن كلنا عم نعيشه.
لم نزر طبيب نفسي بعد
هذا الشرط مشكوك بأمره نوعاً ما، لأن غالباً ما معنا مصاري حق ظرف سيتامول. فما بالكم بأجرة معاينة طبيب نفسي، والكارثة إذا طلب عدة جلسات. وهيك حتى صاحب الصحة بيطلع مختل عقلياً.
لم نسرق بعد
والسرقة التي أقصدها هنا، هي سرقة الأقارب والجيران، أو سرقة الأشياء البسيطة مثل بسكوتة أو شي 2000 ليرة. لأن السرقات الكبيرة غالباً ما تجلب لأصحابها الفخر والغرور والصرف والبطر.
مازلنا نرد التحية
مجرد امتلاك القدرة على رد التحية أو حتى إلقائها. دون شرود يمنعنا عن رؤية جيراننا من حولنا، يعتبر أمر إيجابي، ويحق لنا بعد الاعتزاز بالنفس.
وأما البند الخامس الذي لم أشأ أن أعطيه تلك الصفة في العنوان هو “الوقوف أمام المرآة صباحاً”. كونه بند خاص بالنساء والنساء مهمشات وما لازم يعلى صوتهن، إي وإذا وقفنّ أو ما وقفنّ قدام المراية. (بالإذن من جماعة النسوية سامحونا هالمرة).