العلي: مازال هناك مواد تمييزية ترقى إلى مرحلة عنف واقع على المرأة
سناك سوري – لينا ديوب
إن زوجي متعلم وناجح في مهنته وحياتنا الاجتماعية مع الأقرباء والأصدقاء تمشي بيسر، لكن عندما نغلق باب بيتنا ونصبح زوجين، أبدأ بتحمل الكثير من التعنيف، وأقول لك أتحمل لأنني أدرك أن لا أهل ولا قانون يقدمان لي ما يدعم قراري لمواجهة صراخه من أجل وجبة مجدرة، أو تفرده بقرار السفر، ولا حتى امتناعه عن استقبال أهلي، هذا ما قالته السيدة “رولا” في اجابتها عن سؤال التقدم في العمل على التخفيف من العنف ضد النساء.
إذا كانت ” رولا” وهي صحفية /45عاماً/ لا ترى تقدما، فإن “هناء” محامية /29 سنة/ لا ترى جدية في مواجهة العنف ضد النساء، تقول لـ سناك سوري:«ما كرسته العادات والأعراف بتقبل الزوجات والأمهات للكثير من السلوكيات العنيفة على أنها أمر عادي، ومنها مثلا تفرد الزوج بقرار الانجاب، لابد – لكي تستطيع النساء مواجهته – من قوانين وإجراءات تدعم نتائج مواجهتها، وإلا لا حل أمامها إلا الطلاق».
إن الدخول المتزايد للنساء إلى ميداني العمل والتعليم، لم يرافقه تغير يذكر من ثقافة المجتمع المحدد لمكانة النساء فيه، ففي دراسة للهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان قبل الحرب أظهرت أن 54% من حالات العنف الأسري تعود للعنف الرمزي القائم على النوع الاجتماعي، واليوم جميع المؤشرات تؤكد استمرارية هذا النوع من العنف.
اقرأ أيضاً: سوريا: تزايد حالات العنف الأسري خلال 2018 بنسبة 25 بالمئة
التزامات الدولة السورية تجاه تخفيف العنف.. والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها
تقول المحامية “مها العلي” والتي شاركت بعدة لجان لدراسة القوانين التمييزية حلال حديثها مع سناك سوري:«ثمة خطوات جدية تقوم بها الدولة، منها مثلا إعداد لجان لدراسة القوانين التمييزية في مختلف التشريعات السورية، وتعديل بعض المواد نتيجة الدراسات، كالتعديل الأخير على قانون الأحوال الشخصية، وهو إن لم يكن بمستوى الطموح لكنه البدء بخطوة، مثلا أصبحت الوصاية على الطفل للزوج والزوجة في حال السفر خارج البلاد».
لكن “العلي” توضح أنه مازال هناك مواد تمييزية ترقى إلى مرحلة عنف واقع على المرأة كالمواد المتعلقة بانحلال عقد الزواج، فإما أن يكون بإرادة منفردة من الزوج دون مسوغ قانوني( الطلاق التعسفي)، وإما أن يكون بالمخالعة وهي رضائية بين الزوجين وغالبا ما تتنازل المرأة عن كامل حقوقها لتحصل عليه، وإما أن يكون بالتفريق الذي هو حق للزوجين وللقائمين عليه، وعلى القائمين عليه من قاض ومحكمين هم ذكور حصرا” وبالتالي سيكون القرار أميل إلى الذكورية.
اقرأ أيضاً: عذراوات ضحايا جرائم شرف… والأعداد في إزدياد خلال الحرب
وتضيف: «هناك بعض المواد التمييزية في قانون العقوبات العام، لكن الذي يوازي تعديل القوانين هو انتشار الثقافة الاجتماعية في ضرورة رفع العنف والظلم عن المرأة ضمن العادات والتقاليد السائدة: فالقانون يورث المرأة ، بينما التقاليد تحرمها بإجبارها على التنازل عن حصتها الإرثية خوفا من كلام المجتمع بأنها شاركت اخوتها بالميراث».
أي أن القانون السوري لم يصل إلى المستوى الحقوقي الذي يجب أن يكون فيه، خاصة أن سورية انضمت إلى الاتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكل العنف ضد المرأة(السيداو) وبالتالي لابد للقانون أن بقوم بتعديل مواده بما يتوائم مع الاتفاقيات الدولية، هذا بالإضافة إلى أن الدستور السوري وهو الأسمى حقق ضمن مواده المساواة التامة بين المرأة والرجل كمواطنين ولا يجوز للقوانين الوطنية أن تخالف المواد الدستورية.
اقرأ أيضاً:مرسوم لإلغاء التمييز ضد المرأة بما لايتعارض مع الشريعة!
تعريف العنف بالقانون
يقول الدكتور “ياسر كلزي” عضو مجلس إدارة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان:«لا يوجد أي تعريف للعنف ضد المرأة في القانون السوري، ولا يوجد قانون خاص للتصدي للعنف ضد المرأة في ورقة العمل التي قدمها إلى ورشة العمل الوطنية حول التصدي للعنف ضد المرأة التي أقامتها الهيئة الشهر الماضي بالتعاون مع الاسكوا، ويقول أيضا لا يعد قانون العقوبات العنف ضد المرأة وفق المصلح جريمة، مما يدفعنا للتساؤل عن الجدية في العمل على خلق العتبة القانونية التي تسمح بتشجيع التقدم وتنفيذ خطوات تساعد بالتغيير الاجتماعي وثقافة المجتمع المحددة لمكانة المرأة، لأن ما تعيشه النساء اليوم رغم التعليم والعمل، والقسط غير القليل من التمكين، لم يساعدها على تحقيق مساحة آمنة في حياتها اليومية».
اقرأ أيضاً:التمييز الجندري – ناجي سعيد
بحسب الخبراء فإن العنف ضد المرأة مازال واقعاً ونسبته عالية جداً، فكيف يمكن الحد منه برأيك عزيزي/تي القارئ/ئة، من وجهة نظركم، وهل تعتقدون أن المجتمع يتحمل مسؤولية مثل مسؤولية الدولة عن هذا العنف؟