حذّر خبراء في الجيولوجيا من استمرار التفجيرات الضخمة الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان وقالوا إنها من الممكن أن تتسبب بحدوث زلزال خطير في المنطقة.
سناك سوري-دمشق
الاختصاصي بالفيزياء النووية الدكتور “قاهر أبو الجدايل”، قال عبر صفحته بالفيسبوك، إن الهزة التي حدثت أمس السبت بقوة 3.3 على مقياس ريختر جنوب لبنان. كانت بفعل تفجير أنفاق تحت الأرض، مضيفاً أنه لا ينصح بتكرار مثل هذه التفجيرات الضخمة على هذا المقطع من فالق البحر الميت.
“أبو الجدايل”، قال إن هناك اجهادات ليست صغيرة على فالق البحر الميت تمتد من بحيرة “طبريا” وسهل “بعلبك”. وقد تحرض التفجيرات المتكررة زلازل ليست بضعيفة بين النقتطين الحمر المشار إليهما على صورة خريطة نشرها الباحث الجيولوجي.
والنقتطين الحمر هما بين “حيفا” في فلسطين المحتلة وحتى مدينة “حمص” السورية مروراً بدمشق ولبنان.
وأوضح الباحث الجيولوجي السوري في معرض رده على التعليقات، أن الزلازل تحدث بالتحريض البشري إذا كانت الفوالق جاهزة لتحرير طاقتها الكامنة ووصلت إلى ذروتها. أما التحريض على فالق مستقر فلا يحدث بفعل البشر.
بدوره حذٌر الخبير الجيولوجي والمحاضر في الجامعة الأميركية ببيروت، “طوني نمر”. مما وصفه بالعبث بمقدرات الطبيعة، خصوصاً مع وقوع التفجيرات على أحد مقاطع فالق البحر الميت، الشهير بزلازله المدمرة على مر التاريخ.
تحدث الزلازل بالتحريض البشري إذا كانت الفوالق جاهزة لتحرير طاقتها الكامنة ووصلت إلى ذروتها. الدكتور قاهر أبو الجدايل
وقال “نمر” في منشور له عبر منصة “إكس”، نقلته عدة وكالات أنباء من بينها روسيا اليوم. إن ما حصل أمس السبت في العديسة من تفجيرات متتالية ومهولة، أدت لتفعيل أجهزة رصد الزلازل في شمال فلسطين المحتلة.
وأضاف: «إذا كان القرار في هذه الحرب هو عدم وجود محرّمات وضوابط فيما يخص العمليات العسكرية. ينبغي الانتباه من قبل مشغلي آلات الحرب الاسرائيلية أن التفلُّت من الضوابط مع قوانين الطبيعة في الأماكن الخاطئة قد يؤدي الى إحتثاث زلازل لا يتوقف تأثيرها على حدود الدول».
وكانت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي قد نشرت يوم السبت لقطات قالت إنها توثق استهداف منشأة عسكرية لحزب الله اللبناني. تم تدميرها باستخدام 400 طن من المتفجرات.
رأي مختلف
وكان للمهندس الجيولوجي “عمار عجيب” رأي مختلف نوعاً ما، وقال في منشور له، إن فكرة تحريض النشاط الحربي للزلازل تعود لخمسينيات القرن الماضي. واستمرت على السبعينيات خلال فترة انتشار التجارب النووية تحت الأرض ما دفع العلماء إلى إجراء الكثير من الدراسات والتجارب العلمية.
وأكد “عجيب” أن كل تلك الدراسات التي تمت في أميركا والاتحاد السوفييتي وأوروبا لم تصل إلى شيء ملموس أو علمي يربط بين التجارب النووية وتحريض النشاط الزلزالي.
إذا كان القرار في هذه الحرب هو عدم وجود محرّمات وضوابط فيما يخص العمليات العسكرية. ينبغي الانتباه من قبل مشغلي آلات الحرب الاسرائيلية أن العبث مع الطبيعة قد يؤدي الى إحتثاث زلازل لا يتوقف تأثيرها على حدود الدول الدكتور طوني نمر
وذكر المهندس الجيولوجي دراسة تمت في نيفادا الأميركية من عام 1965 واستمرت على 1969. لدراسة مدى تأثير التجارب النووية على صدع سان اندرياس، وأكدت النتائج أن النشاط التكتوني للصدع في كاليفورنيا لم يتغير. كذلك دراسة أخرى تمت عام 1971 لدراسة تأثير الانفجار الضخم الذي بلغت قوته 5 ميغا طن نتيجة التجربة النووية في جزر ألوشيان في ألاسكا. والذي أنتج هزة أرضية بقوة 6.9 ريختر، أكدت تلك الدراسة أنّه وعلى الرغم أن تلك التجربة النووية الهائلة حدثت في منطقة تعتبر ذات نشاط زلزالي فائق إلا أن التفجير لم يكن له أي تأثير في تغيير النشاط الزلزالي المعتاد في المنطقة.
وبحسب “عجيب” فإن بعض الدراسات ذكرت أن التجارب النووية تحت الأرض قد تؤدي إلى تقريب موعد حدوث الزلزال. إذا كانت الإجهادات التكتونية في المنطقة وصلت إلى مستوى حرج وبات الزلزال على وشك الحدوث. مشيراً أنه لم يتم إثبات هذا التكهن، وحتى لو تم إثباته فهو ليس ذو قيمة من الناحية العلمية فلا فرق بين حدوث زلزال الآن أو بعد عدة أيام.
زلازل مدمرة على فالق البحر الميت
يمتد فالق البحر الميت، من جبال طوروس في الجنوب التركي، مروراً بسوريا ولبنان. ويفصل بين فلسطين المحتلة والأردن متجهاً إلى البحر الأحمر.
وعبر الزمن شهد العديد من الزلازل المدمرة، مثل زلزال الأردن عام 363 للميلاد، الذي تسبب بدمار مدينة البتراء وتضرر مدن أخرى مثل جرش. وزلزال بيروت عام 551 للميلاد، الذي أدى إلى تشكل تسونامي في الساحل اللبناني.
وزلزال غور الأردن عام 1033، الذي أدى لدمار مدينة طبريا وأريحا بالكامل، وتهدم أجزاء من المسجد الأقصى وأسوار القدس. ليتبعه زلزال العقبة عام 1068، الذي امتدت آثاره إلى فلسطين وسوريا والقاهرة والجزيرة العربية.
وفي عام 1202، شهدت سوريا زلزالاً عنيفاً يعتبر الأقوى على الإطلاق في المنطقة، وصل تأثيره إلى الأندلس وإيران. وأخيراً زيزال بعلبك وبيسان عام 1759 الذي وُصف بأنه ثاني أكبر زلزال في المنطقة بعد زلزال عام 1202.
يذكر أن النشاط الزلزالي ازداد بشكل ملحوظ على مستوى العالم بعد زلزال 6 شباط الذي ضرب سوريا وتركيا. والتي يراها العلماء طبيعية بالنسبة لكوكب الأرض الذي يشهد سلوكاً زلزالياً متكرراً تحافظ الأرض على نفسها من خلاله. ولتجنب المخاطر الزلزالية ينصح الخبراء بالتركيز على بناء المنازل بطريقة مناسبة للكود الزلزالي خصوصاً في مناطق الفوالق الخطيرة.