مهنة هدى جمول تزداد نشاطاً سوريات ينفضن الغبار عن ماكينات الخياطة
بدأت عملها كبائعة ثم اكتسبت حرفتها النادرة
سناك سوري – رهان حبيب
بدأت “هدى جمول” العمل كبائعة في متجر “شرف” لماكينات الخياطة، وتحولت لأعمال الصيانة والإصلاح كخبيرة ميكانيكية بمهارة أكسبتها شهرة كبيرة دون اتباع دورات.
الشابة رافقت وكيل ماركة “سنجر” الألمانية المعروفة منذ العام ١٩٨٥ واكتسبت حرفة تصليحها التي تعتبر اليوم نادرة خصوصاً بالنسبة للسيدات، وحولتها إلى مصدر دخلها مع والدتها وأغنتها البحث عن وظيفة حكومية.
تقول “جمول” لسناك سوري: «لم يخطر لي يوماً أن مهنة المستقبل سترتبط بهذه الماكينة التي تعلمت الخياطة عليها، منذ أن خرجت من المدرسة، ودون مساعدة طبقت من البوردات موديلات مختلفة لأقص وأحضر ألبستي الخاصة، لكن منذ تواجدي مع المرحوم “هندي شرف” مؤسس المتجر الذي بقي لسنوات الوحيد على ساحة المحافظة، أخذت أتعلم منه وأبحث في هذه الماكينة، مما تتكون وكيف تعمل بحثت في تفاصيلها، وكان يمدني من خبرته الطويلة في مجال معامل الخياطة والماكينات التي ارتبطت إلى حد كبير بحياة المجتمع خاصة النساء اللواتي احترفن الخياطة المنزلية».
اقرأ أيضاً: “أم النور”.. اختارت أن تعمل سائقة تاكسي أجرة لتأمين حياتها!
ثلاثة عقود ونصف هي الفترة التي عملت فيها “جمول” بالمهنة عاصرت خلالها نساءاً كبيرات السن يقطعن مسافات طويلة من قراهن البعيدة ليصلن إلى المتجر، طالبات إصلاح الماكينة، وتضيف: «كان حرصي على تعلم كل تفصيل ومعرفة العطل، وطريقة الإصلاح يزداد في كل مرة أحاور فيها سيدة تدخل مرهقة متعبة تصف لي بحزن وقلق خللاً أخّر عملها أثناء خياطة فستان لجارتها تنتظر أجره لتكمل تعليم ابنتها الصيدلانية، أو لتشتري ألبسة جديدة للأولاد وأعمل بكل ما ادخرت من معرفة لأساعدها وأن تعود بسرعة إلى منزلها ومعها ماكينتها الغالية».
تخبرنا السيدة أن هذه المهنة قلة من النساء تمكّن من إتقانها وهي لم تؤخر جهداً في تعليم شابات، لكنها لم تجد لديهن رغبة في الاستمرار مع ثقتها أن هذا العمل ممتع ودخلها جيد وفيه كثير من العطاء لمن حولها، لكنه أيضاً يحتاج إلى بال طويل لمعرفة تفاصيل المحرك وإصلاح الأعطال المعقدة.
“جمول” تلقت عروض للسفر تظهر أهمية حرفتها كون الماكينة منتشرة في عدة دول، وفضلت البقاء هنا مع الأهل خاصة أن حرفتها بقيت مزدهرة رغم ابتعاد نسبة من النساء قبل الحرب عن الماكينة وعاد العمل لسابق عهده منذ عدة سنوات.
خلال هذه السنوات عبرت بين يديها ماكينات عمرها سبعين أو ثمانين أو مئة عام، وسجلت الفارق بين القديم والحديث وأصلحتها وتابعت تطور الصناعة بين الألماني القديم والصيني ومؤخراً ماكينات حديثة لتجدها اليوم تعرف عمر الماكينة وكل ماطرأ عليها من تعديلات.
تخبرنا أنه وبعد الحرب أخذت النساء تنفض الغبار عن الماكينات وتعيدها للعمل، وأصلحت منها ما لم تعمل منذ عشرات السنين ومكنت صاحبتها من الاستفادة منها كوسيلة لخياطة الستائر والفرش لتحصل على دخل جيد.
أخيراً تعرف “هدى” أنها تمتلك مهنة فريدة لتكسب دخلاً جيداً لكن الأكثر فرادة تلك العلاقة التي بنتها مع من كانوا ممتنين لمساعدتها وتعاملها اللبق الذي ميزها طوال فترة عملها كميكانيكية مخضرمة.
اقرأ أيضاً: سيدة سورية.. تعمل بلف المحركات بعمر 56 وتلقب بالنحاسية