بعد إيطاليا .. هل تعيد أمريكا سفيرها إلى دمشق؟
روبرت فورد أول السفراء العائدين وآخرهم .. شارك في مظاهرة ولم يفهم لعبة الملف السوري

كان الوقت شتاءً وتحديداً في شباط 2010 حين وافقت الحكومة السورية على تعيين “روبرت فورد” سفيراً أمريكياً في “سوريا”.
سناك سوري _ محمد العمر
لم يكن المسؤولون السوريون يتوقعون أي دور سيلعبه “فورد” في البلاد. فوافقت “دمشق” على اسمه الذي رشحته إدارة “أوباما” خلال فترة عطلة مجلس الشيوخ الأمريكي. والذي وافق لاحقاً على هذا الترشيح لتمكين السفير من إتمام مهامه حتى 2017 إلا أنه لن يبقَ أكثر من 2014 حين استقال من مهامه.
سيزور “فورد” مدينة “حماة” ويشارك في مظاهرة ضد السلطة. لتكون نقطة تحول أدت في نهاية المطاف إلى خروجه من “سوريا”. ورغم أنه أول سفير أمريكي في “دمشق” بعد اغتيال رئيس حكومة لبنان “رفيق الحريري” عام 2005 . فإنه سيكون الأخير كذلك حتى اليوم.
ارتأت إدارة “أوباما” بعد ذلك قطع العلاقات كلياً مع الحكومة السورية. وراح “فورد” يكتب للصحف والمواقع الإلكترونية نظرته الخاصة لما يجري في الداخل السوري. بما في ذلك قوله أن كلفة فرض منطقة حظر جوي من قبل الأمريكيين شرق الفرات كانت أقل بكثير مما توقعت “واشنطن”.
واعتبر “فورد” أن إدارة “أوباما” أخطأت في منح “روسيا” دوراً كبيراً في الساحة السورية لانتزاع تنازلات من “دمشق”. لكنه نسي إثر ذلك أن “سوريا” التي تلقّت تهديداً واضحاً من “كولن باول” بعد غزو “العراق” واغتيال “الحريري” لم تستسلم للشروط الأمريكية وأبدت عناداً واضحاً بمواجهة الوزير الأمريكي.
غادر “فورد” موقعه عام 2014. لكنه لم يتفهّم حتى ذلك الحين تعقيد الملف السوري وأنه لا يشبه نظرته الاستشراقية التي تستسهل الأمر وتقول بتغيير السلطات في بلد ما كما يتم تغيير نوع السجائر.
يشبه السفير الأمريكي بذلك أولئك المؤمنين بسطحية الأرض كيلا يخوضوا في جدال كرويتها. ولذا فإن عودة السفارة الإيطالية إلى “دمشق” دون مقدمات تذكر. يعد سباحةً عكس تيار سردية “فورد” المفعمة بالأمريكية والتي ترى العالم فقط من منظار “واشنطن”. دون اعتبار لتعقيدات وخصوصيات الدول الأخرى لا سيما تلك الواقعة شرق المتوسط حيث لا يبدو “العم سام” قد فهم مزاجيتها بعد. خصوصاً مع صعود اليمين في بعض الدول وتداعيات حرب أوكرانيا على سياسات أوروبا.
في المقابل. فإن “دمشق” التي سارعت في بداية الأزمة لإخراج وسائل الإعلام الأجنبية من البلاد. كانت تخسر سفراء دول العالم تباعاً دون أن تحرّك ساكناً. لكنها تعرّفت بعد ذلك على ثمن القطيعة الدبلوماسية مع معظم الدول. ما شكّل ضغطاً إضافياً عليها خاصة بعد فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية عليها.
مع عودة السفير الإيطالي إلى سوريا يبدو أن دمشق تذكر أن أوروبا على الخارطة بعد أن كانت نسيتها لسنوات طويلاً وتوجهت شرقاً. لكنها بالحقيقة لم تصل خلال عشر سنوات بعد إلى وجهتها شرقاً. فهل تعيد إيطاليا لدمشق مالم يمنحها إياه التوجه شرقاً؟.