نق الأطفال والمدير.. معاناة العمل من المنزل خلال فترة الكورونا
في أزمة الكورونا هناك مهن لم تتعطل أبداً بل زادت أعباؤها
سناك سوري-دمشق
«ما بين نق مديري، ونق طفلي الصغير، أقضي وقتي خلال عطلة الكورونا»، تصف “رغداء” صحفية تعمل بنظام العمل عن بعد “أون لاين”، حالها خلال الحجر المنزلي، الذي تضطر فيه لملازمة طفلها الصغير وهو لم يبلغ الـ7 من عمره بعد.
وبينما يعاني الغالبية ملل الحجر المنزلي، وحدهم العاملون بنظام العمل عن بعد، يعانون وسط مجتمع الكثيرون فيه لا يحترمون الإنشغال من جهة، وجهات إدارية تريد عملها كاملاً دون أي مراعاة للظرف الحالي من جهة ثانية، تقول “رغداء” التي فضلت عدم ذكر اسمها كاملاً، وتضيف: «المشكلة الأكبر هي أن فترة الحجر والعطلة مناسبة تماماً للزيارات الاجتماعية، أعاني منها يومياً بدرجة كبيرة، وللأسف لا أحد يتفهم الواقع أبداً».
الحرج الاجتماعي لا يشكل أي عبء لدى “فاطر حسن” (محرر يعمل بنظام العمل عن بعد)، إذ أن كل أصدقائه محجورون في منازلهم بقرار صارم من زوجاتهم وهو أساساً يسكن منزله لوحده، يضيف لـ”سناك سوري”: «المشكلة التي أعاني منها هي بطء الإنترنت، أتنقل بين بوابتين والسيرف ويبقى الأمر صعباً جداً، ربما يكون السبب أن الجميع بسبب العطلة متواجدون على الإنترنت ما يبطئ من سرعته».
صاحب الموقع الذي يعمل به “حسن”، صديق قديم وقد كان معه منذ بداية إطلاقه، لذا فإنه يقدر الظروف الحالية والبطء في العمل، وفق “حسن”.
اقرأ أيضاً: وزير التعليم العالي: سنتعامل بمرونة مع الطلاب
اكتشفت أني محجورة من قبل الحجر
«اكتشفت أني محجورة من قبل الحجر المنزلي»، تقول “سها كامل” (صحفية تعمل بنظام العمل عن بعد)، وتضيف أن التغييرات على عملها لم تكن كبيرة، إنما روتين المنزل هو من تغير، ما أدى لزيادة الضغط عليها.
شقيقة “كامل” وهي محامية، تجلس اليوم في المنزل وتمضي أغلب الوقت على الإنترنت مع باقي أفراد العائلة، ما تسبب ببطء الشبكة، تضيف: «العطلة أيضاً أوجدت مسؤوليات لم تكن موجودة سابقاً بالنسبة لي، كالتعقيم اليومي، وشراء الأغذية، والخبز، وهذا كله يستهلك المزيد من الطاقة والوقت على حساب العمل».
أنا والكهربا وطفلتي والحجر المنزلي عايشين لبعضينا!
«دمار شامل»، هكذا تعبر “داليا عبد الكريم” صحفية تعمل بنظام العمل عن بعد، عن الحالة العامة للعمل بعد الحجر المنزلي وعطلة الكورونا، تضيف: «أنا وطفلتي ذات الخمس سنوات غير معتادتان على التواجد معاً خلال فترة العمل الصباحية، فهي في روضتها وأنا في عملي، هذا التواجد خلق لديها نوع من الفضول فتأتي إلي كل عشر دقائق، ماما بدي اشرب، ماما بدي آكل، ماما بدي فوت عالحمام، وهي أمور كفيلة بتشتيت الذهن الذي نحتاجه مركزاً جداً في عملية العمل الصحفي».
تحاول “عبد الكريم” التغلب على هذه المعضلة بإشغال ابنتها، إلا أن هذا لا ينجح، تضيف: «أحثها للعب مع أولاد أقربائها في البناية، لتبدأ بعدها موجة جديدة من النق الطفولي، ماما ضربني أحمد، ماما ما عميلعبوني، باختصار يبدو الوضع صعباً جداً، ويزداد صعوبة مع قطع الكهرباء المستمر، لأجد نفسي حين تنساني طفلتي أقوم بوصل البطارية على الراوتر، وبعد عشر دقائق تأتي الكهرباء فأعيد وصله بها وهكذا يمضي الوقت».
بعيداً عن نق الأطفال وسوء الواقع الخدمي وبطء الإنترنت، فإن العطلة أفرزت نمطاً جديداً من الحياة، فتواجد العائلة معاً يستلزم مواعيد محددة للإفطار والغداء وغيرها من الأمور الأخرى، تضيف “عبد الكريم”: «أتغلب على هذه المشكلة بالطبخ ليلاً وتجهيز الطعام قبل يوم، لكن هذا يستلزم مني طاقة إضافية، وغالباً ما أقوم بالعمل ليلاً خصوصاً المواد التي تحتاج إلى تركيز، باختصار الوضع ليس سهلاً أبداً»، طبعاً هذا لايرحمني من نق المدير أيضاً فهو يريد أيضاً أن نستجيب للوضع الطارئ والحاجة الماسة لدور الصحافة في ظل مخاطر كورونا.
اقرأ أيضاً: المرأة الموظفة.. مساواة في العمل وجهد مضاعف بالمنزل – لينا ديوب
الضجيج متعب لكنها فرصة لاكتشاف العائلة من جديد
أزمة الكورونا، أثرت على عمل الصحفيين باتجاهين وفق الصحفي “كمال شاهين”، يضيف لـ”سناك سوري”: «الأول تجاه المؤسسات التي نعمل معها والتي تحولت كلها إلى منصات تهتم بما يجري على صعيد الخبر والتحليل، وغابت كل القضايا الأخرى بتحول الكورونا إلى قضية وجودية إنسانية… الأثر الثاني داخل المنزل بسبب تواجد العائلات كل الوقت في نفس الحيز الجغرافي ولو كان هناك انفصال أساسا في مكان العمل، أعمل من مكتبي لكن الضجيج المتدفق من كل أنحاء العالم يؤثر في التركيز خاصة بوجود أطفال.. وبضرورة تأمين وقت لتعليمهم بعد توقف المدارس.. واللعب معهم كذلك بحكم أن الملل سيد موقفهم مما يجري».
يقسم “شاهين” الوقت بين نهاري وليلي بمعدل 4 ساعات بكل فترة، يستيقظ مبكراً ما أمكنه لمتابعة الأشغال العالقة، قبل أن تستيقظ العائلة وتبدأ المناوشات اليومية، يضيف: «الوقت ما بين الفترتين، أقضيه في مساعدة زوجتي بالمطبخ أو حتى التفكير بطبخة جديدة، كما أني بت أمتلك وقتاً كافياً لإنجاز مهام عالقة مثل كتابة بحث لوقت قادم، وأعمل على إكمال عمل روائي كان ينتظر منذ سنوات».
عائلة “شاهين” منعت الزيارات الاجتماعية تماشياً مع الوضع العام وحرصاً على السلامة العامة، ويجد الصحفي أنه رغم سلبية الوضع إلا أنه يشكل فرصة كبيرة لإعادة ترتيب الأولويات والأعمال، وفرصة لاكتشاف العائلة من جديد.
المهم أن يمشي العمل
تتساهل الإدارة مع الصحفي “فراس حيدر” فالمهم وفق حديثه أن ينجز العمل على أتم وجه حتى لو استهلك وقتاً أطول، يضيف لـ”سناك سوري”: «عملي كله اليوم أونلاين من المنزل، لكن الإنترنت بطيء جداً، بالإضافة إلى أن تواجد طفلتي في المنزل ورغبتها باللعب معي يزيد من الضغط، فهي تريد أن تعمل معي على اللابتوب كلما فتحته».
ويعمل عدد كبير من السوريين بنظام العمل عن بعد، أو من داخل المنزل عبر الإنترنت، سواء كانوا مهندسين أو مصممين أو صحفيين، وعملهم لم تؤثر عليه العطلة الرسمية فهم خارج دائرتها، إلا أن العطلة زادت من أعبائهم، سواء على الصعيد الاجتماعي أو حتى الضغط الحاصل لهم، ما يتطلب مراعاة أكبر من إداراتهم ريثما تنقضي هذه الظروف.
وكانت الحكومة قد علقت الدوام بالقطاع التعليمي بشكل كامل، وتخفيف الدوام في المؤسسات الحكومية واقتصاره على عدد محدود من الموظفين وفق الحاجة، كإجراءات احترازية للوقاية من فايروس كورونا.
اقرأ أيضاً: كورونا والحجر الصحي.. جوائز لآخر 10 بيضلوا متزوجين!