دخل المرأة السورية المنخفض يحد من اهتمامها بحسن المظهر
سناك سوري – لجين البوطي
ينحت والدها الصّخر لتأمين احتياجاتها وأختيها، فهو المسؤول الوحيد عن مصروفهما، تقول “مريم” 19 عاماً لـ سناك سوري: «أحياناً باكل هم قله أنه لازمني حجاب جديد أو بلوزة جديدة لأني بعرف أنه ما بقى ينام بالليل وهو عم يفكر كيف بده يأمن حق تياب الي بالوقت يلي ما عنده القدرة يوفي ديونه وهو بهالوضع».
تحتاج مريم كل ثلاثة أشهر ثياباً جديدة، بكلفة 25 ألف ليرة وسطياً، وعلى اعتبار أنّ والدها مسؤول عن ثلاثة فتيات فإن عليه تخصيص مبلغ 75 ألف ليرة لهن كل ثلاثة أشهر، هذا في حال لسن ممّن يُكثرن من تبديل الثياب (بدل واحد كل 3 أشهر).
الوضع يختلف عند المرأة العاملة، تقول “رهام” موظّفة موارد بشرية في إحدى الشركات الكبيرة، إنّ عليها الظهور بمظهر أنيق وتغيير ثيابها بشكل دائم، كما أن هذه الثياب تُستهلك بسرعة خلال الغسيل والتبديل، ما يجعلها بحاجة دائمة لشراء الجديد، تقول: «طبيعة عملي لا تسمح لي أن ارتدي “بلوزة رايح لونها”، أحتاج لشراء ثياب جديدة كل شهر .»
اقرأ أيضاً:الأم العاملة.. نحت في الصخر مقابل “فرنكات الحكومة” آخر الشهر!
شريحة أخرى من النساء السوريات ممن يعرن انتباهاً كبيراً للأناقة، يعتبرن أنّ الأوضاع المعيشية الحالية تحرم المرأة من حقها في الظهور بمظهر أنيق في سبيل توفير لُقمة العيش، حيثُ أدّى ارتفاع الأسعار الحالي إلى متغيّرات في سلوكيّات شريحة كبيرة من النساء واختلفت علاقتهن مع الأسواق والتسوّق، فتحوّل موقفهن من التجوّل لداعي التسوق إلى التجوّل من أجل المشاهدة فقط.
أقل تكلفة ممكنة
في جولة على أسواق العاصمة “دمشق” حاول “سناك سوري” رصد الأسعار في الأسواق الشعبية والأسواق المتوسطة الأسعار قبل أسبوع، وعلى سبيل المثال كانت تكلفة البدل النسائي الكامل من الثياب بالحد الأدنى (أقل سعر ممكن في سوق مساكن برزة الشعبي) “22” ألف ليرة مقسمة إلى: 5000 للقميص، 5500 للبنطال، 6000 للحقيبة و5500 للحذاء، أما أقل تكلفة في سوق شارع الحمرا فكانت 56 ألف ليرة سورية، القميص 12500 ، البنطال 18000، الحذاء 13000، والحقيبة 12500، ونظرا للارتفاع الكبير للأسعار خلال الأسبوع الأخير، فلابد أن تكون أسعار الألبسة المذكورة قد ارتفعت أيضاً..
اقرأ أيضاً:المرأة الموظفة.. مساواة في العمل وجهد مضاعف بالمنزل – لينا ديوب
تمييز سلبي للنساء
تُعاني “سحر” وهي خيّاطة في مشغل بـ “دمشق” من تمييز سلبي للنساء في العمل، فراتبها لا يتعدّى 30 ألف ليرة ولديها طفلين، بينما رواتب الذكور بالحد الأدنى 50 ألف، وعلى الرّغم من أنها خياطة فإنها تخصص لنفسها “بدلين” في الشهر لكي تذهب بهما إلى العمل (من صُنع يديها) إلّا أنّها مضطرة لشراء الحذاء من السوق.
تُطالب “سحر” بالمساواة في الرواتب بين الذكور والإناث وتقول إنها حتى في حال حصلت على المساواة لا تستطيع الاستغناء عن مساعدات شقيقها في “السويد” الذي يرسل لها المال شهرياً ليخفّف عنها أعباء المعيشة.
بدل واحد بأكثر من راتب موظّفة
على الرغم من عدم تمييز القطاع الحكومي في رواتبه بين الإناث والذكور، إلا أن الحد الأدنى للأجور في القطاع العام بلغ مؤخراً 47675 ليرة سورية فقط، وهناك موظّفون الحد الأدنى لأجورهم 30 ألف ليرة، وهنا يقول الخبير الاقتصادي “عمار يوسف” لـ سناك سوري :« دخل المرأة يُساوي دخل الرجل في القطاع الحكومي، فالرواتب تزيد أو تنقص باختلاف منصب الشخص نفسه، وأعلى راتب يًصرف اليوم يتراوح بين 150 و 200 ألف وهو راتب نائب رئيس الجمهورية، أما في القطاع الخاص فيزيد دخل الرجل عن دخل المرأة بنسبة متفاوتة، خصوصاً في سوق الظل مثلاً، إلا أن ذلك لا يُعد منهجاً متّبعاً ضمن جميع الشركات الخاصّة، فمثلاً من الممكن أن تجد سكرتيرة تنفيذية تتقاضى مبلغاً يصل حتى الـ 100 أو 200 ألف، وفي الوقت نفسه امرأة تعمل في نفس المنصب ضمن شركة أخرى تتقاضى 300 ألف، وذلك يعتمد على مكان العمل، ميزات الموظف وساعات الدوام وغيرها، وفقاً لمعايير كل شركة».
ويرى “يوسف” أنّه لن يطرأ أي تحسين على دخل المرأة إذا لم تتحرّك عجلة العمل، ولا يوجد أي طريقة لتحسين دخلها سوى بتحسّن الدخل العام، ولا يمكن أبداً لأي امرأة تأمين تكاليف ثيابها من راتِبها فقط، لابُد من وجود وارِد خارجي.
حرمت الظروف المعيشية الصعبة كثير من النساء السوريات من الاهتمام بأناقتهن، فللواقع المعيشي أولويات، ولن تسبق الأناقة مهما كانت مهمة للكثيرات، لقمة العيش..
اقرأ أيضاً:سوريا… الفجوة في سوق العمل والاختلال الجندري