مواطن خارج عن القانون يفشل في إقناع مدير مشفى بتجاوز القوانين
مستشفى مريض كيف يمكنه أن يعالج المرضى الكثر في هذه البلاد!!؟
سناك سوري_ نورس علي
تعرضت زوجتي نهاية الأسبوع الفائت، لحالة من فقدان الوعي وتشنجات عصبية مؤلمة، وكوننا من ذوي الدخل المهدود ركضت بها إلى مستشفى حكومي لإسعافها، وكإجراء روتيني بعد تخطيط القلب وقياس الضغط والمعاينة السريرية، طلب الدكتور المعاين إجراء بعض التحاليل الطبية التي دوّنها على ورقة صغيرة.
في المستشفى الذي بات يأخذ بضع أموال (رمزية) في سبيل الرعاية (الصحية المجانية)، طلبت مني الممرضة في المخبر التوجه إلى الصندوق لدفع رسوم التحاليل، فانطلقت بسرعة إلى قسم المحاسبة والصندوق بذات الطابق لدفع تكاليف التحاليل، فأخبرتني أمينة الصندوق أنه أغلق اليوم 17 حزيران 2021، وكانت الساعة حينها العاشرة صباحاً، والسبب أن هناك زحمة مراجعين موجوعين مرضى بحاجة إجراء تحاليل في مستشفى “مريض”، لا يستطيع استيعاب كل هذا القدر من المرضى بالبلاد.
اسودت الدنيا في وجهي عندما تخيلت أن الحل البديل هو الذهاب لمخبر خصوصي لإجراء تحاليل قد تستنزف نصف راتبي وأنا الأب لثلاثة أطفال، وأبعدت فوراً من رأسي فكرة أن هذا الاغلاق ينشط سوق المخابر الخاصة، وأحضرت إلى رأسي فكرة التوسل لأمينة الصندوق عساها تجد لي حلاً غير الذهاب إلى المخبر الخاص بجيوبي شبه الفارغة، وحالتي التي يرثى لها ومعي زوجتي المريضة ونحتاج أيضاً لأجرة تكسي ومصاريف أخرى لا يقوى عليها مواطن مقاوم للصدمات مثلي.
اقرأ أيضاً: بعضها 50 و40 ألفاً.. الحكومة ترضخ لمطالب معامل الأدوية وترفع السعر
استجابت الأمينة بسؤال ماذا أعمل، فشخصت برأسي هكذا وقلت “صحفي” (من دون أن أضيف عليها منتوف)، فردت عليّ اذا صحفي روح وقع الورقة من رئيس الهيئة (المشفى هيئة عامة) فقصدت مكتبه وقدمت الورقة لمدير مكتبه، فأعادني لأمينة الصندوق، التي أصرّت على وجود توقيع المدير عليها، وهو أمر قد أثار إعجابي جداً، وأملي كمواطن سوري بوجود هذا التشدد الكبير في تطبيق القوانين على فئة المواطنين العاديين من أمثالنا، وتأكدت من أهمية التوقيع والختم الدائري والمختار البيسة في ضيعة ضايعة.
أنا المواطن الفاسد المتسول قررت عن سبق الإصرار والترصد، مخالفة القانون من أجل فتح المخبر المغلق في وجه المواطنين (اضطرارياً)، والاستمرار في سعي لإجراء التحاليل لزوجتي الموجوعة، كي يطمئن قلبي وقلبها وقلب أطفالها في المنزل (صحيح أنا رجال بس حنون على مرتي).
فعمدت لإجراء اتصال مع مدير المستشفى آملاً منه أن يقبل تسولي، ويفتح هذا المخبر لي وربما بخطيتي يفتحه للمراجعين الآخرين الذين ينتظرون مثلي، لكنه للأسف قابل طلبي بالرفض فشكرته على كل حال.
لكنه غافلني بسؤال قبل أن أغلق التلفون: “لماذا نصرّ على مخالفة القانون”، للحظة أُصبت بالذهول وشعرت بحجم جريمتي كمواطن خارج عن القانون يحب المخالفة، ويرجو طلباً غير حق من القاضي، فسألته هل أنا أخالف القانون حقاً يا دكتور، ليقول لي: “من أعطاك الأذن للتواصل معي؟ ومن سمح لك الاتصال بي، ومرة ثانية لا عاد تتصل فيني”، فارتبكت وخفت أن يحفظ اسمي واسم زوجتي فيغلق المستشفى كله بوجهنا بحجة الازدحام، فشكرته واستأذنته وأغلقت الخط لأعود إلى زوجتي الموجوعة، وقفت أمامها ونظرت لها نظرة مليئة بالأسئلة، لماذا مرضتي، لماذا ضعفتِ، لماذا لم تصمدي، لماذا لم تتحملي، لماذا أتيت للمستشفى، لماذا لماذا لماذا!!.
اقرأ أيضاً: قرار قطعي.. ممنوع المرض لمن راتبه 50 ألف ليرة!