من المئذنة إلى الخمرة .. صباح فخري كسر حدود الممنوع
بدأ متصوفاً وغيّر لقاء المعهد الكاثوليكي حياته .. الأسطورة لم يمت
ليس أمر الكتابة عن “صباح فخري” بالهيّن لا سيما بعد رحيله، بينما كان يسهل وصفه بالأسطورة الحية حين كان بيننا.
سناك سوري _ محمد العمر
والقول أنه كان “بيننا” ليس مجازياً فحسب بل يحمل ما يحمل من حقيقة، لأن صوته لم يغادر أمسياتنا وسهراتنا، كما أنه كان على رأي أحدهم أسهل تعريف للغربيين عن الموسيقا السورية التي يمكن تلخيصها بـ”صباح فخري”.
على مقربة من “قلعة حلب” وعلى الشبه منها وقف “فخري” على مئذنة يصيح بالآذان، حين انتشى السامعون بصوته. فيما يروي بإحدى مقابلاته أن لقاءه بالموسيقي الشهير “سامي الشوا” في المعهد الكاثوليكي بـ”حلب” سيغير مسار حياته واستخدام صوته فينتقل إلى الغناء.
ومن الزعيم السياسي ومؤسس “الكتلة الوطنية” “فخري البارودي” نقل “صباح الدين أبو قوس” كنيته إلى اسمه الفني “صباح فخري”. نظراً لما قدّمه “البارودي” من مساعدة له في بداياته وتقديمه في الإذاعة السورية ومعهد الموسيقا.
لكن تجاوز 88 عاماً على هذه الأرض قد يدفع الجسد للفناء ولكن كما رأى “فخري” سابقاً فإن ( الواحد ما بطيبو بيموت) علماً أن ذلك الرجل الذي طالما أمتع ناظري حاضريه برقصة “السنبلة” لم يمت حين تحيا أغنياته في وجدان كل من يسمعها.
ولغيره قد تبدو مفارقة أن البداية من المآذن والأناشيد الصوفية ستتحول إلى أغانٍ طالما ذكرت “خمرة الحب” و “كاس الراح” وتغنّت بالخمر دون أن تبدو شاذة عن حالته الغارقة بالوله أو الآهة الطالعة من القلب والتي يصفها بـ”غير شكل”.
لم يمت “صباح فخري” كما لم تمت “حلب” على الرغم من صعوبة تلخيص مدينة برجل، لكن ذكر المدينة والرجل ما انفك مرتبطاً ببعضهما الآخر ، خسرته الدنيا ولم يخسرها بل منحه الموت مهابة أخرى كشموخ وقوفه على المسرح أمام الآلاف لساعات دون تعب، أتعبه العمر فنام قليلاً للأبد.