منظمات المجتمع المدني والشائعات – ناجي سعيد
رسالة اكتبها ووزعها على عشرة.. كيف استغلها السياسيون؟
استعدادًا لمراقبة الانتخابات القادمة، نظّمت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطيّة الانتخابات (لادي)، يوم تدريب لفريقها العامل، وذلك بإشراف وتنفيذ جمعيّة مُتخصّصة بالتحقّق من مصداقية الأخبار المتناقلة على متن وسائل التواصل الاجتماعي.
سناك سوري-ناجي سعيد
وبالطبع كان التركيز في التدريب على إعطاء أمثلة تحدث على برنامج “التويتر”، حيث يُعتمد بشكلٍ أساسي، كمنصّة من قبل شريحة السياسيين، ومن الممكن رصد أحداث التي تشغل الرأي العام من خلال جولة على التويتر. ولا أعلم أبدًا ما العلاقة بين الشائعات (وانتشارها في العالمين الواقعي والافتراضي) وبين مصطلح الـ ” NGOs ” (منظمات المجتمع المدني)، سوى ما يُحكى كأخبار مُلفّقة ومن الممكن أن تكون صحيحة، عن أموال تتلقّاها الجمعيات أو المنظّمات غير الحكومية لتنفيذ مشاريع -من وجهة نظر الجمعية- لبناء الإنسان، ومن وجهة نظر مختلفة (قد تُلصق بالجهات المانحة) يراها البعض تنفيذ لأجندات خارجية تحاول التلاعب بتركيبة الهوية الموحّدة المواطنية والتي تعني كلّ مواطن مهما بَعُدَ مسقط رأسه أو قَرُب!.
وفي بحر الشائعات، لم تقتصر الأذية (أو الفائدة) على خبر التمويل المشبوه، لا بل تعمّم إلى أن طَالَ كل الجمعيات الأهلية (الجيّدة والفاسدة)، ليبرز مصطلح في الساحة السياسيّة والاجتماعية: NGOs. فأصبح من الطبيعي أن يكون هذا المصطلح هو شمّاعة يعلّق عليها أي سياسي فاسد يريد تضليل وإخفاء حقائق تطيح بزعامته وتقوّض أركان مملكته، هذا ويبقى السؤال قائم: من أين أتت النيترات ليحدث انفجار القرن؟.
قد يستسهلُ شخصٌ جالسٌ لمشاهدة برنامجه المسائي على التلفاز، حين يصله خبرٌ عبر “الواتساب “عن إلغاء التحرّك الذي قرّرته نقابته، نقابة سائقي السيارات العموميّة. فببساطة، يرسل الرسالة عبر الواتساب أيضًا، وبطريقة “البرودكاست ليست “Broadcast Lists، والبساطة التي اتّبعها، لأنه يشعر بالفرح والسعادة حين ينقل خبرًا، فالتقدير والثناء من دائرة معارفه وأصدقائه تُنسيه عن أهميّة التحقّق من صحّة الرسالة الخبر المُتداول.
اقرأ أيضاً: الدولة المدنية – ناجي سعيد
إن إشاعة إلغاء التحرّك الشعبي واستسهال تداوله وتناقله، عبر الواتساب، تُشكّل خطرًا لا يتوقّعه من يغذّي الإشاعات. وهذا ما برعت في نشره والحفاظ على ديمومته الثقافة الشعبية الجمعيّة، فمنذ أيام المدرسة، كثيرًا ما تلقّينا رسائل مكتوبة بخط اليد، مفادها أن على من يقرأها الآن أن يكتبها عشر مرات ويوزّعها.. وهكذا إلى ما لا نهاية. إلى أن يكسر سلسلة الإشاعة عقل يُمزّق الورقة فور قراءتها.
والمشكلة بأن التكنولوجيا (المتمثّلة بالهواتف المحمولة وتطبيق الواتساب) أحيت الشائعات من جديد. فالورقة المذكورة التي قد يصيبك مكروه لو لم تكتبها، انتقلت إلى رسالة نصيّة أو مسموعة على الواتساب مع التوصية بنشرها درءًا للخطر الذي قد يصيبك لو لم تُنفّذ الوصيّة.
إن مفهوم اللاعنف قديم قِدم الإنسان، أما وسائل التواصل الاجتماعي فقد وضعت قطار التواصل على سّكة التكنولوجيا. وحين نقول تواصل، لابدّ أن يكون تواصل لاعنفي. وهذا يتطلّب مسؤولية تبدأ من خلال اختيار نخبة من الأشخاص الناشطين في مجتمعهم اختارتهم اللادي، وهم مؤمنون بأن التغيير المنشود لا يتمّ إلا بمفردات اللاعنف. ولكي تحافظ على المسؤولية، واكبت اللادي التكنولوجيا، بأن درّبت أعضاءها الناشطين لاستخدام تطبيقات على الهاتف تكشف وتختبر صحّة الأخبار المتداولة التي يصطاد السياسيون جمهورَهم من خلال إطلاقها على متن وسائل التواصل الاجتماعي.
وما هو واضح للخبراء، في البروباغندا السياسية، أنهم يميزون ليعرفوا تحديد المعلومات الكاذبة بقصد التضليل من غيرها. وما هو وقائع صحيحة أم غير ذلك، والشائعات غير المُثبتة. وهل تُطلق الماكينات الانتخابية الأحكام المُسبقة لتغذية مؤامرة تودي إلى حربٍ أهلية!! ولو لم تكن حربًا، فقد يكتفي السياسي إثارة مشاعر الناس لاستمالة جمهور يملأ صندوق الاقتراع أصواتًا تضعه على كرسي النيابة. وكي نبتعد عن الإشاعات الكاذبة الضارّة، لا بدّ من ربط اللسان بالعقل، فهو مؤذٍ لو سرح منفردًا على أهوائه.
اقرأ أيضاً: العنف السياسي.. ناجي سعيد