في لحظة جنون الحرب، تحوّل ملعب “العباسيين” إلى خط تماس وشهد محيطه اشتباكات ومعارك ضارية بعد أن كان واحداً من أبرز الملاعب السورية وأيقونة ملاعب العاصمة.
سناك سبورت – دمشق
ثاني أقدم ملاعب “دمشق” تاريخيا بعد الملعب البلدي، يعود تاريخ بنائه للعام 1957 حيث أنشئ ليكون ميداناً لممارسة ألعاب القوى عبر بطولاتها المختلفة.
بدأ الاستاد يستضيف مباريات كرة القدم سنة 1967 وخضع للتجديد ليناسب استضافة “سوريا” لدورة الألعاب العربية الخامسة سنة 1976 حيث تحولت سعته الاستيعابية في عملية التحديث من 10 آلاف مشجع إلى 40 ألف قبيل الدورة.
وشملت عملية التجديد تغطية مضماره الرملي بالعشب الصناعي وتجهيزه بصالات رياضية مع تجهيز فندق تحت مدرجات المتفرجين.
تجديد الملعب كان فأل خير على الرياضة السورية حيث نال اللاعبون السوريون المركز الأول في عدد من البطولات ضمن الدورة العربية الخامسة بمجموع 122 ميدالية متنوعة.
هُدم الملعب البلدي الذي يقع شرق مدينة المعارض القديمة بالقرب من ساحة الأمويين بعد الدورة ليعتمد “العباسيين” كملعب مخصص للمباريات الرسمية الكروية.
ومنذ ذلك الحين بات “العباسيين” أكبر ملعب في “دمشق” ورابع أكبر ملعب في “سوريا”، بعد ملاعب “حلب” الدولي و”المدينة الرياضية” في “اللاذقية” و”خالد بن الوليد” في “حمص”.
اقرأ أيضاً:سوريا تتجه نحو تسمية ملعب العباسيين باسم الأسطورة بيليه
يمتد الملعب شرق العاصمة على مساحة 60 ألف متر مربع ضمن المدينة الرياضية التي تبلغ مساحتها 100 ألف متر مربع، أما الملعب المخصص للعب فتبلغ أبعاده 105 متر طولًا، و 70 مترًا عرضا وكان مجهزا بالعشب الطبيعي ومحاط بمضمار من العشب الصناعي.
كان الاستاد ميدانا لمباريات نهائي كأس الجمهورية التي تستضيفها العاصمة وملعبا بيتيا لأنديتها “الوحدة” و”الجيش” و”المجد” في مباريات الدوري أو في المشاركات الخارجية وعلى عشبه عرفت “سوريا” أول ألقاب فرقها الكروية قاريا حين احتضن النهائي الشهير بين “الوحدة” و”الجيش” في كأس الاتحاد الآسيوي والذي دان لصالح الأخير سنة 2004.
وعرف الملعب واحدة من أشهر مباريات منتخب “سوريا” في تاريخه سنة 1985 حين واجه “العراق” ضمن اللقاء الفاصل للتأهل إلى مونديال “المكسيك” 1986 وعلى أصداء هتافات آلاف المشجعين في مدرجاته “عالمكسيك يا سوريا ع المكسيك” تعادل “نسور قاسيون” وضيوفهم سلبا قبل أن يهزم السوريون إيابا في مدينة “الدمام” السعودية 3/1
ويشاء القدر أن يكون آخر ظهور للمنتخب السوري على أرضية الاستاد الدمشقي أيضا أمام منتخب “العراق” سنة 2010 في لقاء ودي انتهى عراقيا بهدف نظيف حين اكتظت مدرجات الاستاد بآلاف السوريين والعراقيين.
واستضاف الملعب منافسات بطولة الأندية العربية سنة 1999 حين خسر “الجيش” النهائي أمام “الشباب السعودي” وكأس غرب آسيا للمنتخبات عام 2002.
وقعت الحرب وأصاب الملعب ما أصابه من خراب ودمار، لكنه ظل شاهدا على قساوة الاشتباكات وضراوتها في كل جوانبه.
اقرأ أيضاً:صلاح رمضان يتهم الجزيرة بالفساد .. ومدرب أرجنتيني للمنتخب بعد أيام
قيل الكثير عن مصير “العباسيين” فتحدث رئيس الاتحاد الرياضي العام السابق “موفق جمعة” عن توجه نحو هدمه لكن خلفه “فراس معلا” عاد ونفى الأمر لاحقا مؤكدا على وجوب ترميمه.
وظهر الملعب في حالة يرثى لها من كل النواحي مؤخرا ضمن تقرير عرضته إذاعة “شام إف إم المحلية” وحينها تحدث رئيس فرع الاتحاد الرياضي العام في “دمشق” “مهند طه” أن «تكلفة إعادة تأهيل الاستاد وفقا للتقديرات المبدئية تتراوح مابين 9 إلى 10 مليار ليرة سورية».
“طه” اعتبر أن «هدم الملعب وإعادة بنائه أسهل من عملية إعادة تأهيله التي يفترض تنفيذها على 3 مراحل بعد اتمام ترحيل أنقاضه الهائلة».
أما “آخر ظهور” لاستاد “العباسيين” على المشهد الرياضي فكان يوم أمس مع رفع اتحاد كرة القدم توصية للمكتب التنفيذي لتغيير اسمه إلى “استاد بيليه” استجابة لطلب من الاتحاد الدولي لكرة القدم كتكريم للأسطورة البرازيلي الراحل.
هو الملعب الأيقوني للعاصمة “دمشق” الذي اشتاق السوريون إليه كثيرا فمتى ينفض عنه غبار الحرب، وتنطفئ معه أصوات المشجعين إلى الأبد ما في داخل مدرجاته من أصداء الخراب ويعود هتاف بالعباسيين بالعباسيين غلبنا (الكرامة او الوحدة او الاهلي أو اي نادٍ آخر) ورجعنا مبسوطين؟.
اقرأ أيضاً:الجيش بطلاً لآسيا..18 عاماً على أول الإنجازات القارية للأندية السورية